والمعنى : ليس لكم أن تؤذوا رسول الله بطول الجلوس عنده ومكالمة نسائه ، (ولاَ) يحلّ لكم أيضاً (أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوٰاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) ؛ لأنّهنّ صرن بمنزلة أُمّهاتكم في التحريم.
وقال السدي : لمّانزل الحجاب قال رجل من بني تيم : أنُحجب من بنات عمّنا؟! إن مات عرّسنابهنّ. فنزل قوله : (وَلاٰ أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوٰاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذٰلِكُمْ) إن فعلتموه (كٰانَ عِنْدَ اللّٰهِ عَظِيماً).
ثمّ قال لهم : (إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً) أي : إن أظهرتموه من مواقعة النساء : (أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللّٰهَ كٰانَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً) لا يخفى عليه شيءمن أعمالكم لا ظاهرة ولا باطنة (١).
وقال الطبرسي : ((ونزل قوله : (وَمٰا كٰانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّٰهِ) إلى آخرالآية في رجل من الصحابة قال : لئن قبض رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لأنكحنّ عائشة بنت أبي بكر ، عن ابن عباس;قال مقاتل : وهو طلحة بن عبيدالله.
وقيل : إنّ رجلين قالا : أينكح محمّد نساءنا ولاننكح نساءه؟! والله لئن مات لنكحنا نساءه. وكان أحدهما يريد عائشة والآخر يريد أُمّ سلمة ، عن أبي حمزة الثمالي (٢).
الأمر العاشر : يظهرمن مجموع الروايات الواردة عندهم أنّ سبب نزول آيات الحجاب كان بشأن ماصدر من فعل مجموعة من الصحابة البارزين ، الّذين يكثر دخولهم بيوت النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وكانوا يدخلون دون استئذان ، ويطيلون الحديث مع أُمّهات المؤمنين;كماذكر ذلك عدّة من مفسّري أهل سُنّة الجماعة ، ممّن تقدّم نقل كلماتهم.
وأنّ الرجل الآخر ينتمي إلى بني أُمية والعاص; لأنّ مقتضى كلامه في أُمّ سلمة ;إذكانت ذا نسب بهم.
روى الطبري بسنده عن أنس بن مالك ، قال : ((أنا أعلم الناس بهذه الآية ، آية
__________________
(١) التبيان للشيخ الطوسي ٨ / ٣٥٧ ـ ٣٥٨.
(٢) مجمع البيان للطوسي ٨ / ١٧٤.