نزول آية الحجاب ، فآية الحجاب نزلت للنهي عن ماابتدر من عمر ، لاماادّعاه هولنفسه من كونه أغيرمن سيّدالأنبياء وأشرف المرسلين حبيب إله العالمين ، الذي وصفه ربّ العزّة : (وَإِنَّكَ لَعَلىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) (١) و : (مٰا ضَلَّ صٰاحِبُكُمْ وَمٰا غَوىٰ وَمٰا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوىٰ)(٢) ، وقدقال تعالى في وسط آيات الحجاب : (إِنَّ اللّٰهَ وَمَلاٰئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).
فانظر هذه المحبّة الإلهية إلى خُلُق نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ثمّ وعيد الإله تعالى بلعن وتعذيب الّذين يؤذون نبيّه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، وبعدكلّ ذلك يأتي عمر مدّعياً أنّه أكثر غيرة وعفّة من سيّد الرسل؟! ، والحال أنّه الذي نزلت فيه هذه الآيات.
وقال الشيخ الطوسي في التبيان في ذيل الآية : (فَإِذٰا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاٰ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ) أي : تفرّقوا ولاتقيموا ولاتستأنسوا بطول الحديث ؛ وإنّما مُنعوا من الاستئناس من أجل طول الحديث;لأنّ الجلوس يقتضي ذلك ، والاستئناس هو ضدّالاستيحاش ، والأُنس ضدّ الوحشة. وبيّن تعالى فقال : لأنّ ذلك الاستئناس بطول الجلوس : (كٰانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ) ، أي : من الحاضرين ، فيسكت على مضض ومشقّة ، (وَاللّٰهُ لاٰ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقّ).
ثمّ قال : (وَإِذٰا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتٰاعاً) يعني : إذا سألتم أزواج النبيّ شيئاً تحتاجوه إليه: (فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَرٰاءِ حِجٰابٍ) وستر (ذٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) من الميل إلى الفجور.
ثمّ قال : (وَمٰا كٰانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّٰهِ) ، قال أبوعبيدة : (كان) زائدة ،
__________________
وذكره السيوطي في لباب النقول في أسباب النزول : ١٧٨ ، وفي الدرّ المنثور ٢١٣/٥;وفيه : ((وأخرج النسائي وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه بسند صحيح عن عائشة ، قالت.
وأخرج ابن سعدعن ابن عبّاس ، قال : نزل حجاب رسول الله في عمر;أكل مع النبيّ طعاماًفأصاب يده بعض أيدي نساء النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فأمر بالحجاب.
حس : كلمة يقولها الإنسان عند التوجّع ممّا آذاه ، مثل : (أوه). والحِيس : الطعام المتّخذ من التمرو الأقط ـ أي : اللبن المحمض المجمّد ـ والسمن. والقعب : القدح الضخم؛ انظر : معجم مقاييس اللغة ٩/٢ ـ ١٠؛ لسان العرب ٦١/٦ مادّة (حيس) ، ونهاية ابن الأثير ٤٧٦/١.
(١) سورة القلم ٤ : ٦٨.
(٢) سورة النجم ٢ : ٥٣ ، ٣.