ينافي ظهوروصريح الآية؛ لإنّهاموارد خاصّة ، كعقوبة متخصّصة ، نظير استباحته (صلىاللهعليهوآلهوسلم) دماءنفرفي فتح مكّة ولوكانوا متعلّقين بأستار الكعبة.
وأمّافعل أبي بكرو عمرفلاحجّية فيه حسب مايقرّ أهل سُنّة الخلافة من عدم عصمتهما وعدم حجّية فعلهما ، بل إنّ الذي ورّطهم في هذاالفهم المقلوب للآيات هوفعل عمرو موقفه اعتراضاً على الساحة النبوية ، من أن إبقاءالأسير بعدانتهاء الحرب كان منهيّاً عنه.
خامساً : إنّ الذي التزموا به من النسخ المتبادل المتعاكس بين آية الأُسارى وآيات قتال المشركين لا يبرّرولا يفسّرموقف عمربالاعتراض والمطالبة بقتل الأسرى بعدالحرب يوم بدر؛ وذلك لأنّ بين قوله تعالى في شأن الأُسارى في سورة الأنفال : (مٰا كٰانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرىٰ حَتّٰى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيٰا وَاللّٰهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللّٰهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ، وبين قوله تعالى في سورة القتال (سورة محمّد) (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : (فَإِذٰا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقٰابِ حَتّٰى إِذٰا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثٰاقَ فَإِمّٰا مَنًّا بَعْدُ وَإِمّٰا فِدٰاءً حَتّٰى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزٰارَهٰا). تمام التطابق.
فإنّ آية الأنفال في الأُسارى تنفي وتنهى أن يكون لنبيّ أسرى أي شدّ وثاق قبل الإثخان وقبل إنهاك العدو وهزيمته وانتهاء الحرب والقتال في المعركة ، وشدّالوثاق عبارة وكناية عن الأسر والاسترقاق;فالآيتان في السورتين متطابقتان على تحديد القتل للأُسارى إلى غاية الإثخان ، وهو انتهاء الحرب ، وأنّ بعدالحرب لايقتل الأسير ، وهو مالا يتطابق مع إصرار عمرعلى قتل أُسارى بدربعد الحرب.
ومن وضوح دلالة الآيتين على ذلك اضطرغير واحد منهم إلى الإقرار بأنّ معنى الآية في الأنفال هو : عتاب الله عزّ وجلّ لأصحاب النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، والمعنى : ماكان ينبغي لكم أن تفعلوا هذاالفعل الذي أوجب أن يكون للنبيّ أسرى قبل الإثخان ، ولهم هذاالإخبار بقوله تعالى : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيٰا) ، والنبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لم يأمر باستبقاء الرجال وقت الحرب ولا أرادقط عرض الدنيا وإنّما فعله جمهور مباشري الحرب(١).
__________________
(١) تفسير القرطبي ٨ / ٤٥.