الاختلاف فيه بين أعداد الإرادات ، إذا الكل تحت إرادة واحدة. ولا جائز أن يقال بالثاني ، وإلا فالمخصص له بذلك إما أن يكون بالذات أو الإرادة : فإن كان بالذات فهو أيضا محال ، وإلا لما تخصص به أحد المتماثلين دون الآخر ، إذ لا أولوية. وإن كان ذلك بالإرادة ، فالكلام في تلك الإرادة ، وما به تميزت ، كالكلام في الأول ، وذلك يفضي إلى التسلسل ، وهو ممتنع.
فإن قيل : إضافة التخصيص إلى ما يقتضيه لذاته ، وإن كان ممتنعا ، فلا يخفي أن الإرادة عبارة عما يتأتى بها التخصيص ، وإذ ذاك فلا فرق بينها وبين ما هو قائم بها أو بغيرها. فعلى هذا غير ممتنع أن يضاف التخصيص. لما يخصص به كل واحد من أقسام الإرادة نفسه. ويكون تخصيصه له ، لا لذاته ، بل على النحو المفهوم من تخصيصه لما هو خارج عنه. وعند ذلك فليس يلزم الاشتراك على ما لا يخفى. بل ويجوز أن يكون تخصص كل واحد بما يخصص به مضافا إلى الآخر ، والتسلسل على هذا يكون منقطعا.
قلنا : أما الأول فمما لا يتجه ؛ إذ شرط التخصيص بالإرادة أن تكون مخصصة بالوجود ، وهذا مما لا يتم بدون ما قيل إنه مميز لها ومخصص ، وهو دور ممتنع وعلى هذا يظهر امتناع ما قيل به ثانيا ؛ فإنه كيف يتصور أن يكون كل واحد من أقسام الإرادة مخصصا للآخر ، وهو إنما يكون مخصصا لغيره ، بعد القول بتخصصه. وهو أيضا دور محال. كيف وأن ذلك يفضي إلى إثبات صفات لنفس واجب الوجود خارجة عنها ليست من الصفات النفسية ، من غير دليل عقلي ، ولا نص شرعي ، وهو محال وهذه المحالات كلها إنما لزمت من فرض كون الصفة الإرادية متكثرة.
كيف وأن الطريق الموصل إلى ثبوت صفة الإرادة إنما هو كون الكائنات ، وذلك إنما يدل على أنه لا بد من إرادة يكون بها التخصيص ، والقول بتعددها مما يزيد على القول الواجب من غير دليل. فإنه لا مانع من أن تكون الإرادة واحدة والمعلقات متعددة ، وذلك على نحو تعلق الشمس بما