في أمته وأدخلهم في ملته؟
قلنا : هذا الحديث مع ضعفه في سنده فليس في إضافتهم إلى ملته ما ينافي كون الكبيرة الصادرة منهم هي الكفران ، والشرك بعد الإيمان ؛ فإنه قد يسمى الشيء باسم ما كان عليه تجوزا وتوسعا وهو الأولى ؛ فإنه قد روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم بالرواية الصحيحة المشهورة أنه قال : «ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» (١) فلو لم يكن الحديث الأول محمولا على كبيرة الكفر للزم منه تعطيل أحد الحديثين عن العمل به مطلقا ، ولا يخفي أن التعطيل أبعد من التأويل على ما لا يخفى ، كيف وأن الأدلة الواردة في باب الشفاعة مع اختلاف ألفاظها أكثر من أن تحصى ؛ فهي إلى التمسك بها أقرب وأولى ، فمن ذلك ما روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم في أثناء حديث مطول مشهور أنه قال : «إذا كان يوم القيامة أخر ساجدا بين يدي ربي فيقول لي : يا محمد ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع ، فأقول : يا رب أمتي ، أمتي فيقال : انطلق من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان فأخرجه وأنطلق وأخرجه ، ثم أسجد ثانية وثالثة ، فإذا كان الرابعة قلت : رب ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله ، فيقول الرب : وعزتي وجلالي لأخرجن منها كل من قال : لا إله إلا الله» (٢) وهو حديث مروي في الصحاح.
وأما القضاء بانتفاء إيمان من اخترم عاصيا قبل التوبة والقول بتكفيره ، فالانفصال عنه يستدعي تحقيق معنى الإيمان والكفران والكشف عن معنى التوبة ، وتحقيق الأوبة :
__________________
(١) صحيح : ورواه بنحو هذا اللفظ البيهقي في الاعتقاد (١٨٩) ، وأصل الحديث في الصحاح بلفظ : «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي».
(٢) صحيح : رواه البخاري (٧٠٧٢) ، ومسلم (١٩٤) ، وأبو نعيم في المسند المستخرج على مسلم (١ / ٢٦٧).