متعذر ، وحركة
الميزان بها ممتنعة ، وإن كانت حركة الميزان بسبب ثقل ما خلقت منه الحركة فليس ذلك
وزن الحركة. وأما الفائدة في خلق الجنة والنار فليس إلا لأجل الثواب والعقاب ،
وذلك قبل يوم الحشر والحساب متعذر لا محالة.
بل وكيف يمكن
القول بقبول الشفاعة وإثبات العفو للعاصي ، ومن اقترف شيئا من المعاصي؟ وبم
الإنكار على الجبائي حيث زعم أن من زادت زلاته على طاعاته في المقدار ، واخترم على
الإصرار ، من غير توبة ، كان مسلوب الإيمان مخلدا في النار؟ وبم الرد على غيره من
المعتزلة حيث أوجب ذلك باقتراف كبيرة واحدة ، كانت ناقصة عن الطاعة أو زائدة؟ أم
بم الإنكار على الخوارج حيث أوجبوا التكفير بارتكاب ذنب واحد ، مستندين في ذلك إلى
ما عرف من قضية إبليس ، وما ورد في القرآن من الآيات الدالة على تخليد العاصي مثل
قوله تعالى (مَنْ كَسَبَ
سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها
خالِدُونَ) [البقرة : ٨١]
وقوله : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ
وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها) [النساء : ١٤] ،
وقوله : (وَمَنْ يَقْتُلْ
مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً) [النساء : ٩٣].
إلى غير ذلك من الآيات والدلالات الواضحات ، ومن استحق الخلود في النار ، وكان
مغضوبا عليه ، كيف يستحق الغفران؟
قلنا : أما إنكار
عذاب القبر ، مع ما اشتهر من حال النبي صلىاللهعليهوسلم والصحابة من الاستعاذة منه والخوف والحذر ، وقول النبي صلىاللهعليهوسلم ؛ حيث عبر على قبرين فقال : «إنهما يعذبان» وقول الله تعالى : (وَحاقَ بِآلِ
فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ (٤٥) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا
وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ
الْعَذابِ) [غافر : ٤٥ ، ٤٦]
، فلا سبيل إليه ، ولا معول
__________________