فذهبت المعتزلة على موجب أصلهم في انقسام الأعراض إلى باقية وغير باقية ، إلى منع جواز إعادة الأعراض الغير الباقية كالحركات والأصوات ونحوها ، وزعموا أنه لو تصور وجودها في وقتين يفصلهما عدم لجاز القول بوجودهما في وقتين متتاليين ، وذلك في الأعراض الغير الباقية محال. ومن الأصحاب من زاد على هؤلاء بحيث منع من جواز إعادة الأعراض مطلقا ، وزعم أن الإعادة لمعنى ، فلو جاز إعادة الأعراض للزم أن يقوم المعنى بالمعنى ، وهو ممتنع.
ومذهب أهل الحق من الإسلاميين : أن إعادة كل ما عدم من الحادثات فجائز عقلا وواقع سمعا ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون جوهرا أو عرضا ؛ فإنه لا إحالة في القول بقبوله للوجود وإلا لما وجد ، بل ما قبل الوجود في وقت كان قابلا له في غير ذلك الوقت أيضا ، ومن أنشأه في الأولى قادر على أن ينشئه في الأخرى ، كما قال تعالى في كتابه المبين الوارد على لسان الصادق الأمين : (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) [يس : ٧٩] ، وقوله : (وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ) [الحج : ٦٦].
وما قيل من استحالة إعادة الأعراض المتجددة شاهدا فمأخوذ من القول باستحالة استمرارها وهو غير مسلم ، ثم لا يلزم من جواز وجودها في زمنين منفصلين بينهما عدم أن يقال بوجودهما فيهما من غير انفصال بعدم ، بل من الجائز أن يكون وجودها مشروطا بوقت مقدر ، كما كانت مشروطة بالمحل إجماعا ، وسبق العدم على أصلهم مطلقا. ومن قضى باستحالة إعادة الأعراض لما فيه من قيام المعنى بالمعنى فإنما لزمه ذلك من الجهل بمعنى الإعادة ، والغفلة عن معنى البعث ، وليس المغنيّ به غير الخلق ثانيا ، كما في الخلق الأول ، وتسميته إعادة إنما كان بالإضافة إلى النشأة الأولى ، وذلك مما لا يوجب قيام المعنى بالمعنى ، وإلا للزم القول باستحالة وجودها أولا ، وهو ممتنع. فإذا قد