جميع أحوالهما ؛ لضرورة تساويهما بالنسبة إليها وأن لا أولوية لأحدهما على الآخر ، ثم إنه إما أن يكون مساويا لما يوجب تخصصها بالبدن الآخر ، أو أرجح منه في الاقتضاء والتخصيص : فإن كان مساويا فلا أولوية ، وإن كان راجحا فالبدن الآخر إما أن يبقى عريا عن النفس وهو محال ، وإن وجد له نفس أخرى فسواء كان اختصاصها به بذلك المخصص المرجوح أو بمخصص آخر فإنه يلزم أن يكون تنتقل إليه نفس البدن الآخر عند فرض عدمه ، وذلك مفض إلى اجتماع نفسين في بدن واحد ، وهو مما لا يشعر به أحد ، وحصول نفس الإنسان ، وهو لا يشعر بها ، محال ، كما سبق ، وهذه المحالات كلها إنما لزمت من فرض التناسخ.
وأما المسلك اللائق بالمنهاج الإسلامي :
فهو أن ذلك إن وقع مسلسلا إلى غير النهاية أفضى إلى القول بقدم الكائنات الفاسدات ، وقد عرف ما فيه ، وإن وقف الأمر في الابتداء على وجود نفس لبدن ما خسيس أو نفيس ما تستحقه بناء على فعل لها سابق ، ووقف الأمر في الانتهاء على بدن لا تستحق بعد غيره بناء على ما تفعله عند مفارقتها له ، فهو وإن كان مقدورا لله تعالى وجائزا في العقل فالقول به مخالف لما اعتقدوه ، ومجانب لما أصلوه ، مع أنه لم يدل عليه عقل ولا ألجأ إليه نقل ، بل هو مخالف لما جاء به السمع ، ومضاد لما ورد به الشرع ، من أحكام المعاد وحشر الأنفس والأجساد ، فلا سبيل إليه.
وعند ذلك. فلا بد من الإشارة إلى تحقيق مذهب أهل الحق في أحكام المعاد : من الحشر والنشر ، ومساءلة منكر ونكير. وعذاب القبر ، والصراط ، والميزان ، والجنة والنار ، وغير ذلك.
فأما الحشر :
فهو عبارة عن إعادة الخلق بعد العدم ، ونشأتهم بعد الرمم ، وقد اختلف فيه الإسلاميون.