به ، بل بقاء ما كان على ما كان من نفيه وإثبات ما لم يكن. وإذا ثبت كونه مقدورا للرب وجب أن يكون خالقه ومبدعه ، من حيث إنه يستحيل انفراد العبد بخلق ما هو مقدور لله ـ تعالى ـ.
واعلم أن هذا المسلك من ركيك القول ، إذ الخصم قد يمنع كونه مقدورا للرب قبل تعلق القدرة الحادثة به ـ وكون الفعل في نفسه ممكنا مما لا يوجب تعلق القدرة القديمة به أصلا ـ ولا يعترف بأن كل ممكن في نفسه مقدور للرب. وما قدر من زوال المانع فمتهافت أيضا ، فإن الخصم مهما لم يسلم إمكان تعلق القدرة القديمة بالفعل فلا يلزم من عدم ما يتخيل في الجملة مانعا أن يكون التعلق في نفسه ثابتا ، ثم ولو قدر كونه ممكنا فلا يلزم التعلق من انتفاء المانع المعين لم يتبين انتفاء غيره من الموانع ، وذلك مما لا يتم إلا بالبحث ، وهو بعيد عن اليقينيات. كيف وإنه لو قدر مقدورا للرب فلا يلزم ، من حيث هو مقدور له ، أن تكون نسبته إليه أولى من نسبته إلى العبد بكونه مقدورا له ، فإن قيل : إنه يكون مخلوقا لهما فهو خلاف المذهب ، ومع ذلك فهو محال لما سلف.
المسلك الثانى :
لو جاز تأثير القدرة الحادثة في الفعل بالإيجاد والاختراع لجاز تأثيرها في إيجاد كل موجود من حيث إن الوجود قضية واحدة لا يختلف وإن اختلفت محاله وجهاته ، والقول بجواز تأثيرها خلف ، فإنها لا تؤثر في إيجاد الأجسام ولا في شيء من الأعراض ما عدا الأفعال ، كالطعوم والألوان والأراييح ونحو ذلك ، وإن كان التالي باطلا كان المقدم باطلا.
وهو من الطراز الأول في الإبطال فإن ما ألزمناه في الخلق والإبداع بعينه لازم لنا فيما أثبتناه من تعلق القدرة الحادثة بإيجاد بعض الأشياء دون البعض ، وعند ذلك فجوابنا عنه هو جواب لما ألزمناه.
وليس من السديد أن يقال : ما ثبت تعلق القدرة الحادثة به لم يكن