قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

غاية المرام في علم الكلام

غاية المرام في علم الكلام

161/334
*

جهة ، وخصوها بجهة فوق دون غيرها من الجهات ، لكن اختلفوا في الجهة فقالت الكرامية : إن كونه في الجهة كون الأجسام. وقالت الحشوية : في الجهة ليس ككون شيء من الحادثات. فهذه تفاصيل مذاهب أهل الأهواء وتشعبها في التشبيه تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.

ونحن الآن مشمرون للكشف عن زيف مآخذهم ، وإبطال مذاهبهم :

وقد سلك بعض الأصحاب في الرد على هؤلاء طريقا شاملا فقال : لو كان الباري مقدرا بقدر ، مصورا بصورة ، متناهيا بحد ونهاية ، مختصا بجهة ، متغيرا بصفة حادثة في ذاته لكان محدثا ، إذ العقل الصريح يقضي بأن المقادير في تجويز العقل متساوية ، فما من مقدار وشكل يقدر في العقل إلا ويجوز أن يكون مخصوصا بغيره ، فاختصاصه بما اختص به من مقدار أو شكل أو غيره يستدعي مخصصا ، ولو استدعى مخصصا لكان الباري ـ تعالى ـ حادثا.

ولكن هذا المسلك مما لا يقوى ، وذلك أنه وإن سلم أن ما يفرض من المقادير والجهات وغيرها ممكنة في أنفسها ، وأن ما موقع منها لا بد له من مخصص ، لكن إنما يلزم أن يكون الباري حادثا أن لو كان المخصص خارجا عن ذاته ونفسه ، ولعل صاحب هذه المقالة لا يقول به ، وعند ذلك فلا يلزم أن يكون الباري حادثا ، ولا محتاجا إلى غيره أصلا.

فإن قيل : إن ما اقتضاه بذلك ليس هو بأولى من غيره لتساوي الجميع بالنسبة إليه من جهة الاقتصاد فهو ، محز التخيلات. ولعل الخصم قد لا يسلم تساوي النسبة من جهة الاقتضاء ، إلا أن يقدر أنه لا اختلاف بين هذه الممكنات ، ولا محالة أن بيان ذلك متعذر جدا. كيف وأنه يحتمل أن ينتهج الخصم في تخصيص هذه الصفات الثابتة للذات منهج أهل الحق في تخصيص سائر الممكنات ، وبه درء الإلزام ، فإذا الواجب التفصيل في إبطال مذاهب أهل الضلال.

وأول مبدوء به إبطال القول بكونه جوهرا ، فنقول :