وهو السميع البصير.
وأما اختلاف مذهب أهل التشبيه ، فقد قالت الفلاسفة : إنه جوهر بسيط لا تركيب فيه بوجه من الوجوه ، ولم يتحاشوا من إطلاق اسم الجوهر عليه ، وفسروا الجوهر بأنه الموجود لا في موضوع ، والموضوع هو المحل المتقوم بذاته المقوم لما يحل فيه ولربما تحاشى بعض الحذاق منهم عن إطلاق اسم الجوهر عليه وزعم أنه : الذي ماهيته إذا وجدت كانت لا في موضوع والباري تعالى ليس وجوده زائدا على ماهيته ، بل ذاته وجوده ووجود ذاته ، فلم يوجد فيه معنى الجوهر.
وأما الكرامية : فمنهم من قال : إنه جسم ، ومن أهل الأهواء من بالغ وقال : إنه صورة على صورة الإنسان. ثم هؤلاء اختلفوا : فمنهم من قال على صورة شاب أمرد جعد قطط. ومنهم من قال : هو على صورة شيخ أشمط الرأس واللحية ، ومنهم من قال : إنه مركب من لحم ودم.
واتفقت الكرامية على أن الباري ـ تعالى ـ محل للحوادث ، لكنهم لم يجوزوا قيام كل حادث بذاته ، بل ما يفتقر إليه من الإيجاد والخلق. ثم هؤلاء يختلفون في هذا الحادث ، فمنهم من قال قوله : كن. ومنهم من قال : هو الإرادة. وخلق الإرادة أو القول في ذاته يستند إلى القدرة القديمة لا أنه حادث بإحداث ، وأما خلق سائر المخلوقات فإنه مستند إلى الإرادة أو القول على نحو اختلافهم ، فالمخلوق القائم بذاته يعبرون عنه بالحادث ، والمباين لذاته يعبرون عنه بالمحدث. وقد أطبق هؤلاء على أن ما قام بذاته من الصفات الحادثة ، لا يتجدد له منها اسم ، ولا يعود إليها من حكم ، حتى لا يقال ، إنه قائل بقول : ولا مريد بإرادة ، بل قائل بالقائلية ، مريد بالمريدية ، وهي المشيئة الأزلية. فعلى هذا ما حدث وهو مباين لذاته محدثا بإحداث. وما حدث في ذاته من الصفات تسمى حادثة لا بإحداث ، بل بالمشيئة القديمة.
وقد اتفق هؤلاء بأسرهم مع بعض الحشوية على أن الباري تعالى في