تسميته باعتبار ذلك واصفا ، ولو أخبر عنه بأنه عالم أو قادر أو غير ذلك صح القول بتسميته واصفا ، والصفة يجب أن تكون ما يكون بها الواصف واصفا ، وليس على هذا النحو غير القول والإخبار ، ولعل منهم من يستند في ذلك إلى النقل عن أهل الوضع أنهم قالوا : الوصف والصفة بمعنى واحد ، كما يقال الوجه والجهة والوعد والعدة ، وإذا كان كذلك فالوصف هو القول ، والصفة هي القول لكونها في معناه ، ثم بنوا على ذلك انتفاء الصفات عن الباري ـ تعالى ـ في الأزل ، لضرورة استحالة القول بوجود الواصف في القدم.
وأما معتقد أهل الحق : فالصفة هي ما وقع الوصف مشتقا منها ، وهو دال عليها وذلك مثل العلم والقدرة ونحوه ، فالمعني بالصفة ليس إلا هذا المعنى ، والمعني بالوصف ليس إلا ما هو دال على هذا المعنى بطريق الاشتقاق ، ولا يخفى ما بينهما من التغاير في الحقيقة ، والتنافر في الماهية ، فالخلاف إن وقع فليس إلا في تسمية هذا المعنى صفة ، وحاصل النزاع في ذلك مما لا مطمع فيه باليقين ، وإنما هو مستند إلى الظن والتخمين. ويكفي في ذلك ما نقل عن العرب ، واشتهر استعماله في ألسنة أهل الأدب : أن الصفة منقسمة إلى خلقية لازمة وغير خلقية ، ثم فسروا الخلقية بالسواد والبياض ونحوه ، ولو لا أن ذلك جائز ، وإلا ما شاع ولا ذاع ، وعدم اشتقاق اسم منه لمن أبدعه وخلقه لا يدل على امتناع تسميته صفة ؛ لجواز أن يكون اشتقاق ذلك الاسم من الوصف دون الصفة ، ثم ولو وجب اشتقاق اسم الواصف من الصفة لكونه خالقها لوجب اشتقاق اسم الزاني والمؤذي والمفسد للباري ـ تعالى ـ من الزنا والفساد والأذى لكونه خالقها ، وهو محال.
ما نقل عن العرب من قولهم : إن الوصف والصفة بمنزلة الوعد والعدة ، وهما بمنزلة واحدة ، يحتمل أن يكون المراد بذلك التسوية بينهما ، في المصدرية ، فإنه يصح أن يقال : وصفته وصفا ووصفته صفة. كما يقال : وعدته وعدا ، ووعدته عدة ، أو أنهم أرادوا بقولهم إن الوصف هو الصفة للواصف المخبر ،