وذلك كما يقال : نادى الملك وقال الملك كذا علي كذا ، وإن كان المنادي والقائل بذلك القول غيره.
وليس تأويل هذه الظواهر ، وحملها على هذه المحامل بمستبعد ، كما حمل قوله ـ تعالى ـ (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) [الحديد : ٤] ، وقوله : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ) [المجادلة : ٧] ، على معنى الحفظ والرعاية ، وكما حمل قوله ـ عزوجل ـ على ما أخبر به نبيه ـ عليهالسلام ـ «من آتاني ماشيا أتيت إليه هرولة» (١) على معنى التطول والإنعام ، فإن لم يقل بالتأويل ثم وجب ألا يقال به هاهنا ، وإن قيل به هاهنا وجب القول به ثم ، إذ لا فارق بين الصورتين ولا فاصل بين الحالتين.
وأما السؤال الثالث : فقد اضطربت آراء المتكلمين فيه :
فذهبت المعتزلة إلى أن الصفة هي نفس الوصف ، والوصف هو خبر الخبير عمن أخبر عنه بأمر ما كقوله إنه عالم أو قادر أو أبيض أو أسود ونحوه وأنه لا مدلول للصفة والوصف إلا هذا ، ولربما احتجوا في ذلك بأنه لو خلق الله ـ تعالى ـ العلم أو القدرة أو غيرهما من الصفات لبعض المخلوقات لم يصح
__________________
ـ (١ / ٢١٤) ، وأحمد في المسند (٢ / ٢٦٤ ، ٢٦٧ ، ٢٨٢ ، ٤٨٧) ، وعبد الله بن أحمد في السنة (٢ / ٤٨٠ ، ٤٨١) ، والطبراني في الأوسط (٦ / ١٥٩) (٦٠٧٩) ، وابن أبي عاصم في السنة (٤٩٢) (٥٠٦) ، والبخاري في الأدب المفرد (١ / ٢٦٤) (٧٥٣) ، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (١ / ٢٥٧) ، وابن بطة في الإبانة ـ بتحقيقنا ـ ط. العلمية ـ بيروت.
(١) حديث صحيح : رواه مسلم (٢٦٧٥) (٢٦٨٧) ، والبخاري (٦٧٩٠) (٧٠٩٨) ، والترمذي (٣٦٠٣) ، وابن ماجه (٣٨٢١) ، وأحمد في المسند (٣ / ٤٠ ، ١٢٢) ، والطبراني في الكبير (٦١٤١) ، وفي الأوسط (١٧١٤) ، والبيهقي في شعب الإيمان (٢ / ١٧) (٥ / ٣٩٠) ، وابن منده في الإيمان (١ / ٢١٩) ، والبخاري في خلق أفعال العباد (١ / ٩٤) ، وابن المبارك في الزهد (١ / ٣٦٦).