فإن قيامه به ـ لا محالة ـ صفة له ، والواجب جعل ما صح نقله عنهم من هذا القبيل على مثل هذه المعاني أو عينها جمعا بين النقلين وعملا بكلا الدليلين.
وإذا عرف أن الصفة غير الوصف ، فهل هي نفس الموصوف أم غيره أم لا هي هو ولا هي غيره؟ فالذي ذهب إليه الشيخ أبو الحسن وعامة الأصحاب أن من الصفات ما يصح أن يقال هي عينه وذلك كالوجود ، ومنها ما يقال إنها غيره ، وهي كل صفة أمكن مفارقتها للموصوف بجهة ما ، كما في صفات الفعال ، من كونه خالقا رازقا ونحوه ، ومنها ما لا يقال إنها عينه ولا غيره ، وهي كل صفة امتنع القول بمفارقتها بوجه ما كالعلم والقدرة وغيرهما من الصفات النفسية لذات واجب الوجود ، بناء على أن معنى المتغايرين كل موجودين صحت مفارقة أحدهما للآخر بجهة ما كالزمان والمكان ونحوه ، وهذا الكلام بعينه جار في تغاير الصفات النفسية بعضها مع بعض أيضا ، وهذا مما لا أرى حاصله يرجع إلى أمر يقيني ولا إلى معنى قطعي ، وإنما هو راجع إلى أمر اصطلاحي ، والواجب أن يجرد النظر إلى التحقيق ، ويكشف عن غور مزلة الطريق ، فنقول :
الواجب أن كل ذات قامت بها صفات واجبة زائدة عليها فالذات غير الصفات ، وكذا كل واحد من الصفات غير الأخرى ، إن اختلفا بالذوات ، بمعنى أن حقيقة كل واحد والمفهوم منه ، عند انفراده ، غير مفهوم الآخر ، لا محالة. نعم إن لم يصح إطلاق اسم الغيرين ولا القول به صفة عن ذات الله تعالي وصفاته ، مع الاعتراف بكونها مختلفة الحقائق والذوات ، لعدم ورود السمع به ، فهو جواب ، لكنه مما لا يقدح في المطلوب.
وعند ذلك فلا بد من التنبيه لدقيقة : وهو أنه وإن كانت الصفات غير ما قامت به من الذات ، فالقول بأنها غير مدلول الاسم المشتق منها ، أو ما وضع لها وللذات ، من غير اشتقاق ، وذلك مثل العلم بالنسبة إلى مسمى العالم أو مسمى الإله غير صحيح ، وكذلك لا يصح أن يقال : بأنها عينه أيضا فإنها