الوجه الثاني : أنّ معرفة الله واجبة ، ولا يمكن تحصيلها إلّا بالنظر ، وكلّ ما لا
يتمّ الواجب إلّا به فهو واجب. أمّا أنّ معرفة الله واجبة ، فلأنّها دافعة للضرر
من خوف الوعيد ، أو لأنّها لطف في أداء الواجبات. وأمّا أنّه لا يمكن تحصيلها إلّا
بالنظر ؛ فلأنّ المعارف إمّا ضروريّة ، وهو ما لا يمكن العاقل دفعه عن نفسه ،
ويكون من فعل الله في المكلّف ، وإمّا كسبيّة ، وهو ما لا يحصل إلّا بالنظر ، والمعارف الإلهيّة ليست من قبيل الأوّل ، لأنّا نراجع
أنفسنا فلا نرى العلم يحصل بها على ذلك الوجه ، فتعيّن أن يكون كسبيّة. وأمّا أنّ
كلّ ما لا يتمّ الواجب إلّا به فهو واجب ، فضروريّ ، ولأنّه لو لم يجب ، لكان إمّا
أن يسقط الواجب المتوقّف عليه ، وإمّا أن لا يسقط ، ويلزم من الأوّل أن لا يكون ما
فرضناه واجبا ، واجبا ، ومن الثاني تكليف ما لا يطاق.
وإذا مرّ في
كلامنا ذكر الخاطر ، فلا بدّ من الإيماء إلى شيء من تحقيقه ، فنقول : الخاطر هو
التنبيه على جهة الخوف.
__________________