وقال أبو علي (١٠٦) : إنّه اعتقاد أو ظنّ.
وقال أبو هاشم : إنّه كلام خفيّ يسمعه المكلّف ، إمّا من فعل الله ، أو من فعل الملك.
وقال القاضي (١٠٧) يتضمّن ذلك الكلام أربعة أشياء : التنبيه على المعرفة والنظر ، والتنبيه على جهة الخوف ، وعلى أمارة الخوف ، وعلى ترتيب الأدلّة.
ولم أتحقّق شيئا من هذه المجازفات ، بل أقول : إنّ كلّ عاقل عند نشئه يتنبّه أن له صانعا ، فإذا تصوّر ذلك ، استلزم ذلك التصوّر للامور التي أشاروا إليها ، ولم ينفكّ مكلّف من ذلك.
وأمّا الشروط ، فإنّها تنقسم ، فما يرجع منها إلى التكليف اثنان ، وهما : أن لا يكون مفسدة ، وأن يكون مقدّما على فعل ما يتناوله التكليف ، بقدر ما يمكن المكلّف العلم بأنّه متعبّد به (١٠٨). وما يرجع إلى متعلّق التكليف اثنان :
__________________
(١٠٦) هو محمّد بن عبد الوهّاب بن سلام الجبّائي ، والد أبي هاشم الجبّائي ، من أئمّة المعتزلة ورئيس علماء الكلام في عصره ، وإليه نسبة الطائفة الجبّائية ، توفّي سنة ٣٠٣. طبقات المعتزلة / ٨٠ والاعلام ٦ / ٢٥٦ واللباب ١ / ٢٥٥ وريحانة الأدب ١ / ٣٩٢.
(١٠٧) هو قاضي القضاة عبد الجبّار بن أحمد الهمداني المتوفّى ٤١٥ ـ ٤١٦. راجع طبقات المعتزلة ١١٢.
(١٠٨) في كشف المراد : أمّا ما يرجع إلى نفس التكليف ، فأمران : أحدهما انتفاء المفسدة فيه ... الثاني أن يكون متقدّما على الفعل قدرا يتمكّن المكلّف فيه من الاستدلال به ، فيفعل الفعل في الوقت الذي يجب إيقاعه فيه ص ١٧٩.