لا يدلّ على نفي الشافع ، لأنّ الناصر غالبا لا يطلق إلّا على المغالب المدافع ، بخلاف الشافع (١٧٧) ، والله أعلم. (١٧٨)
المقصد الثالث في إيصال المستحقّ : وفيه مقدمة وبحثان :
أمّا المقدّمة فنقول : لا بدّ من فاصل بين التكليف وإيصال المستحقّ ، إذ لو كان مقرونا بالتكليف لما خلا الثواب من المشقّة التي تشتمل عليها التكليف ، لكن الثواب لا شوب فيه (١٧٩) ، ولو كان متّصلا به لكان المكلّف ملجأ إلى فعل ما كلّف ، والإلجاء مناف للتكليف ، لما مرّ في شروط التكليف (١٨٠) ، لكن كما يجوز في العقل أن يكون الفاصل الموت ، يجوز أن يكون غيره من نوم أو إغماء ، وقد دلّ الشرع على اختصاص ذلك بالفناء (١٨١) بقوله تعالى : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) (١٨٢).
__________________
(١٧٧) في الاقتصاد للشيخ الطوسي : إنّما نفى فيها أن يكون للظالمين أنصار ، والنصرة غير الشفاعة ، لأنّ النصرة هي الدفع عن الغير على وجه الغلبة ، والشفاعة هي مسألة يقترن بها خضوع وخشوع. ص ١٢٩.
(١٧٨) من أراد البحث المستوفى في الشفاعة فليراجع تفسير الميزان للعلّامة الطباطبائي ١ / ١٥٦ ـ ١٧٧.
(١٧٩) قال العلّامة الحلّي في كشف المراد : يجب خلوص الثواب والعقاب عن الشوائب ، أمّا الثواب ، فلأنّه لو لا ذلك لكان العوض والتفضّل أكمل منه ، لأنّه يجوز خلوصهما عن الشوائب ، وحينئذ يكون الثواب أنقص درجة وأنّه غير جائز.
(١٨٠) قد ذكر في شروط التكليف أن يكون المكلّف قادرا على ما كلّف به ، والملجأ ليس بقادر. ولا يخفى أنّ المصنّف لم يذكر في هذا الكتاب شروط التكليف ، فراجع.
(١٨١) يعني بالفناء الموت كما هو ظاهر.
(١٨٢) سورة الرحمن ، الآية : ٢٦.