الأوّل :
أنّ القول بوجوب عصمة الإمام مع أنّ الإمام غير عليّ ـ عليهالسلام ـ ممّا لا يجتمعان ، أمّا عندنا فلثبوت الأمرين ، وأمّا عند الخصم فلانتفائهما. والثابت وجوب عصمة الإمام فلو كان الإمام غير عليّ لخرج الحقّ عن الإجماع وهو باطل.
فإن قيل : لا نسلّم وجوب عصمة الإمام ولا نمنع (٤٤) أن يكون معصوما فمن أين أنّ عصمته واجبة. والوجوه التي استدللتم بها على العصمة غايتها الخطابة ، وهي مثمرة للظنّ ، لكن هذه المسألة علمية ، فلا يعوّل فيها على الظنّ. وبيان أنّها من باب الظنون أنّ الأولى والأحسن أن يكون الإمام غير جائز الخطأ إذ كانت العلّة المحوجة إليه جواز الخطأ ، أمّا أنّ ذلك واجب في الحكمة فلا نسلّم ، فإنّ أعضاء الإنسان لمّا جعل منها مشاعر لإدراك ... (٤٥) وكان الغلط يعرض لها افتقرت إلى حاكم وراءها يسدّدها عن الغلط ، وهو العقل ، وجعل عضوه القلب على قول أبي هاشم وأتباعه من المتكلّمين ، (٤٦) ومع ذلك يعرض الغلط للقلب ، لكن هو أتمّ ضبطا من الحواسّ فافتقرت إليه لما فيه من زيادة الضبط ، ولو كان معصوما لكان أتمّ في حصول الغرض ، فإنّ المراد منه ضبط الأشياء وحراسة الأعضاء من الخلل
__________________
(٤٤) في هامش الأصل : ونمنع ظ.
(٤٥) هنا كلمة لا تقرأ ولعلّها : الحركات.
(٤٦) قال أبو البقاء في الكلّيات ص ٢٥٧ : وقد يعبّر بالقلب عن العقل ، سمّي المضغة الصنوبرية قلبا لكونه أشرف الأعضاء لما فيه من العقل على رأي.