مجرّدا عن الجسم ، فيكون وجوده موقوفا على وجود الجسم ، وما توقّف وجوده على وجود الحادث فهو حادث.
الثالث : البارئ سبحانه ليس بمحلّ ، ولا يجوز عليه الحلول ، خلافا للغلاة (٥٤). والدليل عليه أن لو حلّ لكان إمّا أن يحلّ مع وجوب أن يحلّ ، أو مع الجواز ، ويلزم من الأوّل حدوثه تبعا لحدوث المحلّ ، ومن الثاني أن يحلّ في كلّ شيء أو في شيء دون شيء ، فهو ترجيح من غير مرجّح.
الرابع : البارئ تعالى لا يجوز عليه الاتّحاد خلافا للنصارى. والدليل على ذلك أنّه لو اتّحدت ذاتان لكان إمّا أن تبقيا ، أو تعدما ، أو يعدم أحدهما ، فإن كان الأوّل ، فهما اثنان لا واحد ، وإن كان الثاني ، فمع العدم لا اتّحاد ، وإن كان الثالث ، فالباقي غير متّحد ، لاستحالة اتّحاد الموجود بالمعدوم.
الخامس : البارئ سبحانه ليس بمرئيّ خلافا للحشويّة (٥٥) ومن تابعهم من الأشعريّة(٥٦). وقبل الخوض في ذلك لا بدّ من تحرير محلّ النزاع.
__________________
(٥٤) الغلاة هم عدّة طوائف من المسلمين غلوا في حقّ الأئمّة ـ عليهمالسلام ـ وحكموا فيهم بأحكام إلهيّة ، ومن اعتقاداتهم الحلول ، أي حلول الله في أبدان أوليائه مثلا.
(٥٥) هم جماعة يستندون في كل شيء من الاصول والفروع إلى رواية رويت من دون رعاية شرائط الحجيّة. واختلف في ضبطها فقيل بإسكان الشين لأنّ منهم المجسّمة والمجسّمة محشوّ ، والمشهور أنّه بفتحها نسبة إلى الحشاء لأنّهم كانوا يجلسون أمام الحسن البصري في حلقته فتكلّموا بالسقط عنده فقال : ردّوا هؤلاء إلى حشا الحلقة ـ أي جانبها ـ فسمّوا حشويّة. راجع توضيح المراد للطهراني ٥٧٧ ومعجم الفرق للأمين ٩٧.
(٥٦) هم أصحاب أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري (٢٦٠ ـ ٣٢٤).