وقوله ـ عليهالسلام ـ : إنّ الله خلق آدم على صورته : من الأخبار الشاذّة ، ولو سلّم لكان يمكن عود الضمير إلى آدم ، على أنّه قد ذكر فيه قصّة تزيل الريب ، وهو أنّه ـ عليهالسلام ـ رأى رجلا يضرب عبدا له [فقال له] : لا تضربه إنّ الله خلق آدم على صورته ، (٥٣) فيكون الضمير على هذا التقدير عائدا إلى العبد. والله أعلم.
الثاني : البارئ سبحانه ليس بعرض ، وقد عرفت أنّ العرض ما حلّ في الجوهر من غير تجاور. وتحقيق ذلك أنّ كلّ شيء قام بشيء فإمّا أن يكون جهة أحدهما مغايرة لجهة الآخر وإمّا أن لا يكون ، والأوّل هما الجوهران المتجاوران كالماء في الظرف ، والجوهران المتماسّان إن لم يكن أحدهما محيطا بصاحبه ، وأمّا الثاني وهو أن لا تكون جهة أحدهما مغايرة لجهة الآخر ، فالمحلّ جوهر والحالّ عرض.
إذا عرفت هذا فنقول : لو كان عرضا بهذا التفسير ، لزم أن يكون حادثا ، لكن ذلك محال. أمّا الملازمة فلأنّا بيّنا حدوث الجسم ، والعرض لا يوجد
__________________
ـ جماعة ، وإضافتهم إليه إضافة اختصاص. راجع تفسير أبو الفتوح الرازي ١٠ / ٢٨٢ وعمدة القارئ في شرح صحيح البخاري ١٩ / ١٨٨.
(٥٣) قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث ٢١٩ : وزاد قوم في الحديث : انّه ـ عليهالسلام ـ مرّ برجل يضرب وجه رجل آخر فقال : لا تضربه فانّ الله تعالى خلق آدم ـ عليهالسلام ـ على صورته أي صورة المضروب.
وراجع التوحيد للصدوق ص ١٥٣ و ١٠٣ ، وذيله للمرحوم السيد هاشم الطهراني ، والأربعين للقاضي سعيد القمي ص ٢١٩ ، ومصابيح الأنوار للسيد شبّر ١ / ٣٠٦ ، وأبو هريرة للسيّد شرف الدين ٦٦ ، واللوامع الإلهيّة للفاضل مقداد بن عبد الله السيوري ١٠١ ، ففي هذه الكتب ذكرت تأويلات هذا الخبر.