ذلك الاحتمال مؤثّرا في إيجاب ذلك اللطف.
قوله : «لا نسلّم أن اللطف واجب» قلنا : قد بيّنا ذلك.
قوله : «لم تأتوا بزائد على الدعوى» ، قلنا : لا شيء في الدلالة أظهر من برهان يكون مادّته ضروريّة (١٠) ، ونحن قد بيّنا أنّ كلّ عاقل يحاول من غيره أمرا ، يفعل كل ما يحرّك داعي ذلك الغير إلى ذلك الأمر ، إذا لم يكن في فعله عليه مشقّة ، وندّعي أنّ ترك ذلك نقض للغرض ضرورة ، وأنّ نقض الغرض قبيح في العقول ، فمع ذلك لا حاجة إلى مزيد إيضاح عند المنصف.
قوله : «متى يجب لطف الإمامة إذا كان له بدل أو إذا لم يكن؟» قلنا : إذا لم يكن وظاهر أنّه لا بدل له ، يدلّ على ذلك وجهان : أحدهما : أنّه لو كان له بدل لما حكم العقل حكما مطّردا على استمرار الأزمان بكون المكلّفين معه أقرب إلى الطاعة وأبعد من المعصية. ولكان العقل يقف في الحكم بذلك على انتفاء البدل ، لكنّ العقل يحكم بذلك مطلقا ، وذلك دليل على عدم البدل. الوجه الثاني : أنّ مع فرض جواز الخطأ على المكلّفين يكون انضياف الإمامة إلى أيّ لطف فرض ادعى إلى وقوع الطاعة وارتفاع المعصية ، ومع انفراد ذلك اللطف المفروض عن الإمامة تكون الحال بالضدّ من ذلك ، فلا
__________________
(١٠) البديهيات ـ وهي اصول القضايا اليقينيّات ـ على ستة أنواع بحكم الاستقراء : أوّليّات ، ومشاهدات ، وتجربيّات ، ومتواترات ، وحدسيّات ، وفطريّات.
والأوليّات هي قضايا يصدق بها العقل لذاتها ، أي بدون سبب خارج عن ذاتها ، بأن يكون تصور الطرفين مع توجّه النفس إلى النسبة بينهما كافيا في الحكم والجزم بصدق القضية. المنطق للمظفر ٣١٤.
والضروريّة في كلام المصنّف هي الأوليّات ظاهرا.