إلى زوال ذلك أقرب ، ولا معنى للألطاف الدينيّة ، إلّا ما يكون المكلّف معها أقرب إلى فعل الطاعة ، والمجاحدة عن ذلك من أفحش البهت.
قوله : «متى يجب فعل اللطف إذا خلا عن وجوه المفاسد أو إذا لم يخل؟» قلنا : إذا خلا ، ووجه المفسدة مرتفع هاهنا جزما (٩).
وتحقيق ذلك أنّ المفسدة المفروضة إمّا أن تكون لازمة لذلك اللطف ، أو صادرة عن الإمام ، أو منه تعالى ، أو من المكلّف.
لا جائز أن تكون لازمة للإمامة من حيث هي ، إذ لو كان ذلك للزم محذوران : أحدهما استحالة تصوّر وجود الإمامة منفكّة عن تلك المفسدة ، تحقيقا للزوم. والثاني استحالة أن يأمر بها الشرع عند تحقّق ذلك الفرض ، لكن الشرع آمر بذلك مطلقا.
ولا جائز أن يكون صدورها من الإمام ولا من الله ، لتحقّق العصمة في الإمام ، وارتفاع المفسدة في حقّ الله ، لما تقرّر من أنّه لا يفعل القبيح.
وإن كانت من المكلّف اختيارا ، لم يمنع وجوب الإمامة على الله ، كما لم يمنع ذلك وجوب كثير من الواجبات بتقدير وقوع مفسدة من العبد. فقد تلخّص بهذه الوجوه أنّ الإمامة عريّة عن وجوه المفاسد.
ويمكن أن يقرّر هذا بوجه آخر ، وهو : أنّا نعلم علما يقينا أنّه كيف ما فرض لطف الإمامة ، فإنّه إمّا أن يكون صافيا عن المفسدة ، أو راجحا عليها ، إذ لو جوز خلاف هذين الأمرين لما حكم العقل بوجود الصلاح مع الإمام ، وانتفائه مع عدمه ، حكما مطلقا ، لكن العقل حاكم بذلك مطلقا ، فلا يكون
__________________
(٩) قال المحقّق الطوسي في التجريد : والمفاسد معلومة الانتفاء.