إمام هذا شأنه.
الوجه الثاني : أنّ الغرض بنصب الرئيس تنفيذ الأحكام الشرعيّة ، فيكون نصبه تبعا لها ، وإذا لم يكن الأصل معلوما عقلا فالفرع أولى بذلك.
[الوجه] الثالث : لو كانت الإمامة واجبة على الله تعالى لعلمت الصحابة ذلك أو معظمهم ، لكن لو علموا ذلك لما عوّلوا على نصب رئيس ، ولفحصوا عن ذلك الرئيس الذي نصبه الله ، فلمّا لم يقع ذلك لم يكن ما ادّعته الإماميّة حقّا. لا يقال : لعلّ الصحابة لا تعلم ذلك ، أو إن علمه آحاد منهم لم يتمكّنوا من الاعتراض على الباقين ، كما أنّ النص على عليّ ـ عليهالسلام ـ كان معلوما وعجز العارفون به عن الاعتراض على المعوّلين على الاختيار. لأنّا نقول : أمّا ذهاب ذلك على جملة الصحابة فبعيد ، إذ يستحيل أن يدّعى أنّ آحاد الإمامية أعرف بطرق النظر من الصحابة أجمع ، وأمّا تمثيل ذلك بالنصّ فظاهر البطلان ، لأنّ ما شهد به العقل يمكن إثباته عند كلّ عاقل ، ولا كذلك ما يدّعيه ناقل النصّ ، لأنّه يخبر بما سمعه فجائز أن يجحد دعواه.
والجواب : قوله : «لا نسلّم أنّ الإمام لطف في امور الدين» قلنا : هذا جحد للمعلوم ، فإنّ كان عاقل يجزم جزما ضروريّا مع تصفّح العادات وارتفاع العصمة عن العوالم بوقوع التنافس والتحاسد والميل إلى الراحة الباعثة على ترك العبادات الشاقّة (٨) ، ويعلم أنّ مع وجود الإمام يكون الناس
__________________
(٨) العلم الضروريّ حاصل بأنّ العقلاء متى كان لهم رئيس يمنعهم عمن التغالب والتهاوش ويصدّهم عن المعاصي ويعدهم ويحثّهم على فعل الطاعات ويبعثهم على التناصف والتعادل كانوا إلى الصلاح أقرب ومن الفساد أبعد ، وهذا أمر ضروريّ لا يشكّ فيه العاقل. كشف المراد ٢٠٣.