وبأمره قائمين ، وإن لم أجد على ذلك أعوانا صادقين ، وإخوانا لأمر الله متبعين ، لم أدخل بعد اليقين في الشبه ، ولم أتلبس بما ليس لي عند الله بحجة ، وكنت في ذلك كما قال الله تعالى : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ) [الذاريات : ٥٤].
أمثلي يدخل في الأمور «المشتبهة» (١) الملتبسة؟!!
هيهات هيهات منع من ذلك خوف الرحمن ، وتلاوة القرآن ، والمعرفة بما أنزل الله في محكم القرآن ، فإني لست ممن تغره الدنيا بحسنها ، وتخدعه بزينتها ، فاتقوا الله عباد الله حق تقاته ، وعاونوا الحق والمحقين ، وجانبوا الباطل والمبطلين ، وكونوا مع الصادقين ، واعلموا أنكم ميتون ، وإلى ربكم راجعون ، وعلى أعمالكم محاسبون ، وبما كسبت أيديكم مرتهنون ، وما الله بظلام للعبيد ، والسلام على من اتبع أمر الله ورضي بحكم الله ، وآثر طاعة الله (٢).
واعتزل رضي الله عنه الأمر وخلا بربه وآثر عبادته على كل شيء ..
قال عبد الله بن عمر الهمداني (٣) : اجتمع الناس إليه فطلبوا القيام وعقد الإمامة ، فدافعهم إلى أن ظهر بن الفضل القرمطي في الناحية ، وذلك في سنة ثمان وتسعين ومائتين ، فحارب القرمطي (٤) ، ثم أغلق الباب على نفسه ولزم منزله وعاد الطبريون (٥) إلى بلادهم ، وتوفي المرتضى رحمة الله عليه ورضوانه على ما ذكر عبد الله بن عمر الهمداني في شهر المحرم سنة عشر وثلاثمائة وصلّى الله على خير خلقه محمد ومن طاب من عترته وسلامه أمين (٦).
__________________
(١) ساقط في (أ، د).
(٢) الحدائق الوردية (١ / ٢ / ٤٥ ـ ٤٦).
(٣) انظر التحف شرح الزلف ص (١٩٦).
(٤) انظر سير الإمام الهادي ص (٣٩٧) وما بعدها.
(٥) في أنباء الزمن في أخبار اليمن أنهم قاتلوا بين يدي الهادي وولده محمد حتى قتلوا عن آخرهم رحمهمالله ص (٣١) ، ثم قال في ص (٥٣) في ذكر محمد المرتضى : ولزم منزله وسار الطبريون إلى بلادهم. والطبريون : قوم هاجروا من طبرستان لنصرة الإمام الهادي والاستفادة من علمه. وقد سبق التنويه إلى الديالمة والكلارية.
(٦) توفي أبو القاسم محمد بن يحيى عليهالسلام بصعدة يوم الأحد لسبع ، وقيل : لتسع خلت من المحرم سنة ٣١٠ ه ، ودفن يوم الاثنين ضحى النهار ، سيرة الإمام الهادي ص (٤٠٥).