حتى إذا صاروا بفخ تلقاهم العباس بن محمد بالخيل والرجال ، وكان ممن اجتمع إلى الطالبيين سبعمائة رجل فصفوا لهم على الطريق.
قال : فدعاهم العباس إلى الأمان ، وضمن للحسين قضاء دينه والأمان لمن معه من أهل بيته ، ولم يترك شيئا من حسن العرض إلّا بذله ، فأبى ذلك أشد الإباء.
قال مصعب : كان الرئيس سليمان بن أبي جعفر ؛ لأنه كان على الموسم ، فأمر موسى بن عيسى بالتعبئة فصار محمد بن سليمان في الميمنة وموسى في الميسرة ، وسليمان بن أبي جعفر والعباس بن محمد في القلب.
فكان أول من بدأهم موسى (١) ، فحملوا عليه فاستطرد لهم شيئا حتى انحدروا في الوادي ، وحمل عليهم محمد بن سليمان من خلفهم وطحنهم طحنة واحدة.
وقال النوفلي : إنهم لما صاروا بفخ قدّم موسى بن عيسى بين يديه محمد بن سليمان ، وقال له : قد عرفت فرارك وفرار أخيك من إبراهيم بن عبد الله ، وإنما تداري هؤلاء القوم وتبقي عليهم لأنهم أخوالك ، فألهبه بذلك (٢) القول ، فأقبل محمد في خيله ، ومن ضم (٣) إليه من الجند ، فأرسل موسى إلى الحسين يخيره (٤) خصلة من خصال ثلاث : أن يعطيه الأمان ويضمن له على الخليفة القطائع والأموال ، أو أن ينصرف إلى المدينة حتى ينقضي الحج ، أو أن يهادن بعضهم بعضا فيدخل فيقف ناحية ويقفون ناحية ، فإذا انقضى الحج تناظروا ، فإما كانوا سلما (٥) أو حربا.
فأبى ذلك كله وتهيأ للحرب ونقض هو وأصحابه الإحرام ونشبت بينهم الحرب بفخ ،
__________________
(١) وهو ما ذهب إليه صاحب مقاتل الطالبيين. المقاتل (ص ٣٧٨).
(٢) في (أ، ج ، د) : بهذا.
(٣) الأبلغ أن يقول : انضم.
(٤) في (د ، أ) : خيره.
(٥) نهاية الصفحة [٢٧٩ ـ أ].