ثم ذكر فضل الأم على الأب فقال تعالى : (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً) [الأحقاف : ١٥] ، وكذلك في ثواب ما عنده إذ يقول : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ...) إلى قوله تعالى : (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) [الأحزاب : ٣٥] ، وقال تعالى : (وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ) إلى أن قال تعالى : (أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ) [النور : ٦١] ، وقال : (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) [يوسف : ١٠٠] وإنما كانت خالته.
وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الخالة والدة ، والخال والد يرث ماله ويفك عانيه».
وأما قولك : لو كان الله (١) اختار لهن لكانت آمنة أم النبي أقربهن رحما ، فهل أنبأتك أن الله اختار لهن أو لأحد من خلقه ذكرا أو أنثى على قرابته فتحتج عليّ به؟
ما اختار الله أحدا من خلقه ولا اختار له إلّا على السابقة والطاعة ، وكانت هذه حالة أبي علي بن أبي طالب ، وأمي فاطمة بنت محمد لم يكفرا بالله قط ، ولذلك قال الله تعالى لإبراهيم : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ...) [البقرة : ١٢٤] إلى آخره.
وأما فاطمة بنت عمرو أم أبي طالب وعبد الله والزبير وولادتها آبائي ، فكيف أنكرت ذلك وأنت تحتج بالعصبة والعمومة ، ولم يجعل الله للعباس من قرابة العمومة شيئا لم يجعله لأبي طالب ، وأما قولكم : إنكم حزتم بأبيكم ميراث رسول الله دوننا! فأخبرني أي الميراث حازه العباس لكم دوننا ، الخلافة دون المال ، أو المال دون الخلافة ، أو الخلافة والمال معا؟
فإن قلت : الخلافة دون المال فيجب على هذا القياس أن تقسم الخلافة على قسم المواريث للذكر مثل حظ الأنثيين ، فالولد أحق بها من العم ، والعم أولى من ابن العم (٢) ، فإن جاز ذلك فلم ورثتها دون عمومتك ، وهم أولى بالكبر منك ، ومن أخيك ، ولم ورثت أخاك دون ولده ... إلى كلام طويل.
__________________
(١) نهاية الصفحة [٢٤٦ ـ أ].
(٢) في (أ) : ابن الأخ.