كعب (١) أن لا تقرأ ، وأمر بكل مصحف على تلك الحروف أن يحرق ؛ وقد قال رسول الله : «نزل القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف» (٢).
فقال أبو ذر : ويلك لا تحرق كتاب الله فيكون دمك أول دم يهراق ، وقال له أبي : يا بن الهاوية ، يا ابن النار الحامية قد فعلتها.
وجاء رجل إلى أبي في مسجد رسول الله فقال : ما تقول في عثمان؟ فسكت وقال : جزاكم الله يا أصحاب محمد شرا ، أشهدتم الوحي وغبنا تكتموننا؟! فقال أبي عند ذلك : هلك أصحاب العقدة ورب الكعبة ، أما والله لئن أبقاني الله إلى يوم الجمعة قلت ، قتلت أو استحييت ، فمات قبل الجمعة.
وصلّى عثمان بمنى أربع ركعات ، فقال ابن مسعود : صليت خلف رسول الله ركعتين ، وخلف أبي بكر وعمر كذلك ، ثم (٣) تفرقت بكم السبل ، صليت حقي (٤) من أربعكم ركعتين متقبلتين.
وأرسل إلى علي وهو بمنى أن يصلي بالناس ، فأرسل علي عليهالسلام إليه إني إن صليت صليت ركعتين ، فأعاد عليه أن صل أربع ركعات ، فأبى علي عليهالسلام.
فلما رأى المسلمون تعطيل الحدود والأحكام ، وإيثار الدنيا (٥) على الآخرة ساروا إليه من كل أفق يستتيبونه ، فأرسل إلى المهاجرين والأنصار : إني أتوب ، وأرد المظالم إلى أهلها ، وأقيم
__________________
(١) هو أبي بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار ، سيد القراء ، أبو منذر الأنصاري المدني ، شهد العقبة ، حدث عنه بنوه : محمد ، والطفيل ، وأنس بن مالك ، وابن عباس ، وآخرون ، قال الواقدي : مات في سنة اثنتين وعشرين بالمدينة ، وقال : سمعنا من يقول إنه مات في خلافة عثمان سنة ثلاثين ، انظر : سير أعلام النبلاء (١ / ٣٨٩ ـ ٤٠٢) ، والطبقات لابن سعد (٣ / ٢ / ٥٩).
(٢) أخرجه الطبراني في الكبير عن حذيفة ، وعبد الله بن مسعود ، كما رواه البزار (١ / ٣١٥) ، ابن حبان (١٧٨١) ، ومجمع الزوائد (٧ / ١٥٢) انظر الكبير (ح / ١٠٠٩٠ ، ١٠٢٧٣) ، (١٠١٠٧) ، (٣٠١٩) ، (٢٠ / ٣١٢) ، وانظر أيضا لفظ القرآن في مفتاح كنوز السنة ص (٣٩٥ ـ ٤٠٥).
(٣) نهاية الصفحة [١٣٧ ـ أ].
(٤) في (ب ، ج) : صليت خطي.
(٥) في (ب ، ج) : وإيثار الدنيا.