[بين عبد الرحمن بن عوف والزبير وعثمان]
وكان أول من كلمه علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وأغلظ له في المسجد حتى حصب كل واحد منهما صاحبه ، ثم إنهم اجتمعوا في منزل الزبير فقام عبد الرحمن بن عوف وذكر عثمان فشتمه ، ثم أخذ نعله بيده وقال : خلعته كما خلعت نعلي هذا ، وقال الزبير مثل ذلك ؛ فبلغ ذلك القول عثمان ، فصعد المنبر فشتمهم وذكر عبد الرحمن فقال : إن عدو الله قد نافق ، واتخذ عبيدا من النوبة والسودان وأبناء فارس ، فإذا كلمه أحد ضربوه ؛ وكلمه عمار بن ياسر فضربه حتى غشي عليه وفتقه ، فلم يصلّ ولم يعقل يوما وليلة ، ولم يقلع عنه حتى ناداه أزواج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : لتخلين سبيله أو لنخرجن.
[بين عثمان وأبي ذر الغفاري]
وكان أبو ذر (رحمهالله) بالشام ، فجعل يذكر أحداثه ، وقال معاوية (١) : لا يعودن لشيء
__________________
(١) هو : معاوية بن أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب ، أبو عبد الرحمن القرشي الأموي المكي ، أمه هي هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ، أسلم مع أبيه في فتح مكة ، وكان من المؤلفة قلوبهم ، إذ أن رسول الله أجزل له ولأبيه العطاء بعد غزوة حنين وذلك من فيئها ، وهو أول من جعل الخلافة الإسلامية نظاما ملكيا وراثيا ، أخرج أحمد في مسنده وزاد فيه الحاكم عن علي بن حمشاء ، حدثنا هشام بن علي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا أبو عوانة قال : فدعوته ـ أي معاوية ـ فقيل إنه يأكل فأتيت فقلت : يا رسول الله هو يأكل قال : «اذهب فادعه» فأتيته الثانية ، فقيل : إنه يأكل ، فأتيت رسول الله فأخبرته ، فقال في الثالثة : «لا أشبع الله بطنه» ، قال : فما أشبع بعدها. رواه الطيالسي في مسنده رقم (٢٧٤٦) ، أخرجه مسلم (٢٦٠٤) ، البيهقي في الدلائل (٦ / ٢٤٣) ، وذكره ابن كثير في البداية والنهاية (٦ / ١٩٢) ، (٨ / ١١٩). ومعاوية هو أول من اتخذ ديوان الخاتم وأمر بهدايا النيروز والمهرجان ، واتخذ المقاصير في الجوامع ، وأول من قتل مسلما صبرا حجرا وأصحابه ، وأول من أقام على رأسه حرسا ، وأول من قيدت بين يديه الخبائب ، وأول من اتخذ الخصيان في الإسلام ، وأول من بلغ درجات المنبر خمس عشرة رماة ، وكان يقول : أنا أول الملوك ، وكان يصفر لحيته وكأنها الذهب. راجع الاستيعاب (٣ / ٤٧٣) واستلحق زياد بن عبيد وجعله زياد بن أبي سفيان ، وهو أول استلحاق جاهلي عمل به في الإسلام علنا ، واستنكره الصحابة وأهل الدين. كما دس السم للإمام الحسن بن علي. قال أبو الفرد : مات الحسن عليهالسلام شهيدا مسموما دس معاوية إليه وإلى سعد بن أبي وقاص حين أراد أن يعهد إلى يزيد ابنه بالأمر سما فماتا في أيام متقاربة ، وأخباره ومواقفه مع أمير المؤمنين عليهالسلام طويلة ، وقد تناولها العديد ممن ألف في تاريخ الإسلام ، ولمن أراد التوسع في صاحب الترجمة وأعماله ومواقفه ، فليراجع كتاب النصائح الكافية لمن يتولى معاوية للعلامة محمد بن عقيل بن عبد الله بن عمر بن يحيى العلوي المتوفى سنة (١٣٥٠ ه) ، انظر : سير أعلام النبلاء (٣ / ١١٩ ـ ١٦٢).