وازداد عبد الله حسنا وجمالا وضياء وكمالا ، وكان كلما ذهب ليدخل على الصنم الأكبر صاح الصنم صياح الهر ، ويقول : ما لنا ولك أيها المستودع ظهره نور محمد المصطفى ، فلما أتت على عبد الله من مولده ثلاثون سنة ، خرج ذات يوم إلى قنصه وقدم سبعون رجلا من أحبار يهود يهود الشام مودعة (١) ، معهم السيوف المسمومة يريدون اغتياله وقتله ، فصرف الله شرهم عنه (٢) ، فرجعوا إلى بلادهم ، فلم يكن يقدم عليهم قادم الا سألوه عنه فيداخلهم من أمره غيظ شديد ، ولا يقدرون له على حيلة (٣).
[أولاد أبي طالب] (٤)
طالب (٥) ، وهو أكبر بنيه ، ثم عقيل ، ثم جعفر ، ثم علي عليهالسلام وأم هانئ ، وجمانة.
__________________
(١) في (ب) : موضعة.
(٢) في (أ، ب ، ج) : فصرف الله عنه.
(٣) انظر : البيهقي في دلائله والسيوطي في الخصائص ، والقاضي عياض في الشفاء ، والدلائل لأبي نعيم.
(٤) أبو طالب (٨٥ ق ه / ٣ ق ه / ٥٤٠ ـ ٦٢٠ م) : هو عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم ، والد الإمام علي عليهالسلام وعم الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكافله ومربيه ومناصره ، كان من أبطال بني هاشم ورؤسائهم ، ومن الخطباء العقلاء الأباة ، قال : رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما نالت قريش مني شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب» له ديوان شعر يسمى «ديوان شيخ الأباطح أبي طالب» (ط) ، وللشيخ المفيد (محمد بن محمد بن النعمان) رسالة سماها (إيمان أبي طالب (ط) ، انظر : الأعلام (٤ / ١٦٦) ، طبقات ابن سعد (١ / ٥٧) ، ابن الأثير (٢ / ٣٤) راجع الفهرس ص (٢٩٦) ، شرح الشواهد (١٣٥) ، تاريخ الخميس (١ / ٢٩٩) ، خزانة البغدادي (١ / ٢٦١).
(٥) هو : طالب بن عبد مناف بن عبد المطلب. أحد بني أبي طالب وأكبر بنيه ، وقد توفي ولم يعقب ، له مواقف ، وقد عاش كما تقول بعض الروايات إلى ما بعد وقعة بدر ، خرج مع المشركين في غزوة بدر مكرها ، ويدل على ذلك ما قاله في الأبيات المشار إليها وفي قوله الدال على أنه خرج مكرها :
يا رب إما يغزون طالب |
|
في مقنب من هذه المقانب |
فليكن المسلوب غير السالب |
|
وليكن المغلوب غير الغالب |
ونتيجة لمقولته جرت بينه وبين القرشيين ملاحاة وقالوا : والله لقد عرفنا أن هواكم مع محمد ، فرجع طالب فيمن رجع إلى مكة ، وقال البعض : ولم يوجد في القتلى ولا في الأسرى ، ولا فيمن رجع إلى مكة ، وقال البعض : إنه مات كافرا في غزوة بدر حين وجهه المشركون إلى حرب المسلمين ، والمسألة فيها خلاف ، فالرواية في أن وجوده فيمن رجع إلى مكة ، وابن هشام يذكر له قصيدة يمدح فيها رسول الله ، ويبكي أهل القليب ـ حسب زعمه ، وورد في رواية مرسلة عن أبي عبد الله عليهالسلام أن طالبا قد أسلم ، وروي أنه هو القائل :
وخير بني هاشم أحمد |
|
رسول الإله على فترة |
وكل ذلك يساند صحة مقولة إسلامه والله أعلم ، انظر : شرح نهج البلاغة (١٤ / ٧٨) ، تاريخ الطبري (٢ / ١٤٤) ، الكامل لابن الأثير (٢ / ٨٤) ، (٥ / ٧) ، البحار (١٩ / ٢٩٤ ـ ٢٩٥) ، روض الكافي (٣٧٥) ، سيرة ابن هشام (٢ / ٢٧١) ، تاريخ الخميس (١ / ٣٧٥) ، البداية والنهاية (٣ / ٢٦٦) ، أنساب الأشراف (٢ / ٤٢) ، صحيح السيرة (٥ / ١٧ ـ ١٩).