[خبر في كون آباء النبي وأجداده على ملة إبراهيم عليهمالسلام]
(١) [٥٤] أخبرنا (٢) محمد بن جعفر بإسناده عن جعفر بن محمد (٣) قال : قال علي عليهالسلام : ما عبد أبي ولا جدي عبد المطلب ولا هاشم ولا عبد مناف صنما قط.
قيل : وما كانوا يعبدون؟
قال : كانوا يصلون إلى البيت على دين إبراهيم الخليل متمسكين به.
__________________
(١) اختلف علماء الإسلام حول آباء النبي وأجداده وفي صحة كونه كلهم مؤمنين أو موحدين ، أو على ملة إبراهيم بالنسبة لمن بعده ومؤمنين وموحدين على ملة من قبله عليهالسلام ، وقد ذهبت الإمامية إلى أن آباء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من آدم إلى عبد الله كلهم مؤمنون موحدون ، بل وذهب أحد علمائهم أنهم كانوا من الصديقين ، إما أنبياء مرسلين أو أوصياء معصومين ، ولعل بعضهم لم يظهر الإسلام ، لتقية أو لمصلحة دينية ، وذهب الصدوق إلى أن آمنة أم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كانت مسلمة أيضا ، وقال أبو حيان الأندلسي : (ذهبت الرافضة إلى أن آباء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كانوا مؤمنين) ، أما غير الإمامية فذهب أكثرهم إلى كفر والدي النبي وغيرهما من آبائه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وذهب بعضهم إلى إيمانهم ، وممن صرح بإيمان عبد المطلب وغيره من آبائه صلىاللهعليهوآلهوسلم : المسعودي ، واليعقوبي ، وهو ظاهر كلام الماوردي ، والرازي في كتابه (أسرار التنزيل) ، والسنوسي ، والنعماني (محشي الشفاء) ، والسيوطي ، وقد ألف هذا الأخير عدة رسائل لإثبات ذلك ، ومن تلك الرسائل : مسالك الحنفاء ، الدرج المنيفة في الآباء الشريفة ... إلخ ، وقد طبعت تلك الرسائل في كتاب مستقل تحت عنوان : (الرسائل العشر) ، وعلى عكس ذلك ألف البعض رسائل لإثبات كفرهم مثل إبراهيم الحلبي ، وعلي القاري ، والذي توسع في ذلك في كتابه شرح الفقه الأكبر ، واتهموا السيوطي بأنه متساهل لا عبرة بكلامه ، ما لم يوافقه كلام الأئمة الثقات ، وما يهمنا هنا هو التنويه لبعض الأدلة حول ذلك وبشكل مختصر : ثبت عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «لم يزل ينقلني ربي من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات حتى أخرجني في عالمكم ولم يدنسني بدنس الجاهلية» ، كما يمكن الاستدلال على إيمان آبائه صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى إبراهيم (ع) بقوله تعالى : (وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) وقوله تعالى : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) أي في عقب إبراهيم (ع) وقوله تعالى : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ) وقوله تعالى : (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) أما ما عدا ذلك من الأدلة فقد استقصاها السيوطي في رسائله السالفة الذكر ، وإذا ما أخذنا المسألة من ناحية أصولية فإنه يمكن القول أن حديث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم «أنا خيار من خيار ...» والحديث : «ما ولدني من سفاح أهل الجاهلية شيء ، ما ولدني إلا من نكاح كنكاح أهل الإسلام». أخرجه الطبراني في الكبير ، والبيهقي في السنن عن ابن عباس ، والحديث : «ما ولدتني بغي قط منذ خرجت من صلب آدم ، ولم تنازعني في الأمم كابرا عن كابر حتى خرجت من أفضل حيين من العرب هاشم وزهرة» أخرجه ابن عساكر في التاريخ عن أبي هريرة ، فإننا نجد أن هذه الأحاديث يقوي بعضها بعضا ، وتفسير قوله تعالى : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ) وقوله تعالى : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) ، وقوله تعالى على لسان إبراهيم : (وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) ، كل هذه أدلة تثبت أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جاء من أعقاب طاهرة ، انظر : أوائل المقالات (١٢) ، تفسير الرازي (٢٤ / ١٧٣ ، ٤ / ١٠٣) ، البحار (١٥ / ١١٧) وما بعدها ، البداية والنهاية (٢ / ٢٨٠) وما بعدها ، السيرة الحلبية (١ / ٣٠) ، مجمع البيان (٤ / ٣٢٢) ، الدر المنثور (٥ / ٩٨) ، سيرة دحلان (١ / ١٨) ، تاريخ الخميس (١ / ٢٣٤) ، تفسير البحر المحيط (٧ / ٤٧) ، الصحيح من سيرة الرسول (٢ / ١٨٦ ـ ١٩٥).
(٢) السند : أخبرنا محمد بن جعفر القرداني ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هاشم بن سالم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه الحسين ، قال : قال علي.
(٣) في (أ، د) عن الأصبغ. وهو تصحيف.