قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

تحمیل

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

72/232
*

عرفه باستنباط ، وهذه خاصة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأما المسيح فكان عنده علم بما جاء به موسى قبله يشاركه به أهل الكتاب تلقاه عمن قبله ، ثم جاءه وحي خاص من الله فوق ما كان عنده قال تعالى : (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) [آل عمران : ٤٨] ، فاخبر سبحانه أنه يعلمه التوراة التي تعلمها بنو اسرائيل ، وزاده تعليم الإنجيل الذي اختص به ، والكتاب الذي هو الكتابة ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لم يكن يعلم قبل الوحي شيئا البتة ، كما قال تعالى : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ) [الشورى : ٥٢] وقال تعالى : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ) فلم يكن صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينطق من تلقاء نفسه بل إنما كان ينطق بالوحي كما قال تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) [النجم : ٣ ـ ٤] ، أي ما نطقه إلا وحي يوحى ، وهذا مطابق لقول المسيح أنه لا يتكلم من تلقاء نفسه بل إنما يتكلم بما يوحى إليه ، والله تعالى أمره ان يبلغ ما أنزل إليه ، وضمن له العصمة في تبليغ رسالاته ، فلهذا أرشد الناس إلى جميع الحق وألقى للناس ما لم يمكن غيره من الأنبياء ألقاه خوا أن يقتله قومه ، وقد أخبر المسيح بأنه لم يذكر لهم جميع ما عنده ، وأنهم لا يطيقون حمله وهم معترفون بانه كان يخاف منهم إذا أخبرهم بحقائق الأمور ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم أيده الله سبحانه تأييدا لم يؤيده لغيره : فعصمه من الناس حتى لم يخف من شيء يقوله ، واعطاه من البيان والعلم ما لم يؤته غيره ، وأيد أمته تأييدا أطاقت به حمل ما القاه إليهم ، فلا يكونوا كأهل التوراة الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها ، ولا كأهل الإنجيل الذين قال لهم المسيح : «إن لي كلاما كثيرا أريد أن أقوله لكم ولكن لا تستطيعون حمله : «ولا ريب أن أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أكمل عقولا وأعظم إيمانا واتم تصديقا وجهادا ؛ ولهذا كانت علومهم واعمالهم القلبية وإيمانهم أعظم ، وكانت العبادات البدنية لغيرهم أعظم «وأيضا» فأنه أخبر عن الفارقليط أنه شهد له ، وأنه يعلمهم كل شيء ، وأنه يذكرهم كلما قال المسيح ، ومعلوم ان هذا لا يكون إلا إذا شهد له شهادة يسمعها الناس لا يكون هذا في قلب طائفة قليلة ، ولم يشهد أحد للمسيح شهادة سمعها عامة الناس إلا محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأنه أظهر أمر المسيح وشهد له بالحق حتى سمع شهادته له عامة أهل الأرض ، وعلموا أنه صدق