التوراة التي بايديهم وأيدي اليهود والسامرة سواء والنصارى لا يقرون ان الإنجيل منزل من عند الله على المسيح وانه كلام الله ، بل كل فرقهم مجمعون على أنها أربعة تواريخ ألفها أربعة رجال معروفون في أزمان مختلفة ولا يعرفون الإنجيل غير هذا : «انجيل» الفه متى تلميذ المسيح بعد تسع سنين من رفع المسيح وكتب بالعبرانية في بلد يهود بالشام وانجيل ألفه مرقس الهاروني تلميذ شمعون بعد ثلاث وعشرين سنة من رفع المسيح ، وكتبه باليونانية في بلاد انطاكية من بلاد الروم ، ويقولون ان شمعون المذكور هو ألفه ثم محى اسمه من اوله ونسب الى تلميذه مرقس «وانجيل» ألفه لوقا الطبيب الانطاكي تلميذ شمعون بعد تأليف مرقس. «وانجيل» ألفه يوحنا تلميذ المسيح بعد ما رفع المسيح ببضع وستين سنة ، كتبه باليونانية ، وكل واحد من هذه الأربعة يسمونه الإنجيل ، وبينها من التفاوت والزيادة والنقصان ما يعلمه الواقف عليها ، وبين توراة السامرة واليهود والنصارى من ذلك ما يعلمه من وقف عليها ، فدعوى الكاذب الباهت «ان نسخ التوراة والإنجيل متفقة شرقا وغربا بعدا وقربا» من أعظم الفرية والكذب ، وقد ذكر غير واحد من علماء الاسلام ما بينها من التفاوت والزيادة والنقصان والتناقض لمن أراد الوقوف عليه (١) ولو لا الاطالة وقصد ما هو أهم منه لذكرنا منه طرفا كبيرا.
[جمعهم بين التحريف والكتمان ... لنعت الرسول]
وقد وبخهم الله سبحانه وبكتهم على لسان رسوله بالتحريف والكتمان والاخفاء ، فقال تعالى (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [آل عمران : ٧١] وقال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) [البقرة : ١٥٩] وقال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ ، وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ ، وَلا يُزَكِّيهِمْ ، وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) [البقرة : ١٧٤] وقال
__________________
(١) وأقرأ ما كتبه شيخ الإسلام في «كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح» في ذلك.