والنّصارى يحتجّ لهم في إبطال نبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوسلم (١).
وقال أبو عليّ الجبّائيّ : كان السّلطان قد طلب أبو عيسى الورّاق ، وابن الرّاونديّ ، فأمّا الورّاق فحبس حتّى مات ، وهرب ابن الراونديّ إلى ابن لاوي اليهوديّ ، ووضع له كتاب «الدّامغ» يطعن به على القرآن ، وعلى النبي صلىاللهعليهوسلم. ثمّ لم يلبث إلّا أيّاما حتّى مرض ومات إلى اللّعنة (٢). وعاش أكثر من ثمانين سنة.
وكان ابن عقيل عاش ستّا وثلاثين سنة.
قلت : وقد سرد ابن الجوزيّ من زندقيّته أكثر من ثلاث ورقات ، صدف هذا الكتاب عنها. ثمّ رأيت ترجمته في تاريخه (٣) فقال : أبو الحسين بن الرّاونديّ المتكلّم من أهل مروالرّوذ ، سكن وكان من متكلّمي المعتزلة ، ثمّ فارقهم وتزندق.
وقيل : كان أبوه يهوديّا ، فأسلم هو ، فكان بعض اليهود يقول ، لبعض المسلمين : ليفسد هذا عليكم كتابكم كما أفسد أبوه علينا التّوراة (٤).
وذكر أحمد بن أحمد القاضي الطّبرانيّ (٥) أنّ ابن الرّاونديّ كان لا يستقرّ على مذهب ، ولا يثبت على انتحال ، حتّى صنّف لليهود كتاب «النّصرة على المسلمين» بأربعمائة درهم كما بلغني ، أخذها من يهود سامرّاء ، فلمّا أخذ المال رام نقضها ، حتّى أعطوه مائتي درهم ، فسكت (٦).
قال البلخيّ في مجالس خراسان : أحمد بن يحيى الرّاونديّ المتكلّم ، لم يكن في زمانه من نظرائه أحذق منه في الكلام ، ولا أعرف بدقيقه وجليله منه ، وكان أوّل أمره حسن السّيرة ، جميل المذهب ، كثير الحياء ، ثمّ انسلخ من ذلك
__________________
(١) المنتظم ٦ / ١٠١.
(٢) المنتظم ٦ / ١٠٢.
(٣) في كتابه : «المنتظم» ٦ / ٩٩ ـ ١٠٥ من المطبوع.
(٤) المنتظم ٦ / ٩٩.
(٥) هو أبو العباس بن القاصّ الفقيه ، في : سير أعلام النبلاء ١٤ / ٦١.
(٦) سير أعلام النبلاء ١٤ / ٦١.