والزّمان مدبر ، والدّنيا مولّية (١) ، وما أرى هذا إلّا إلى اضمحلال ، وما أرى لمدّته طول (٢).
[مهاجمة ابن حمدان دار الخلافة]
وبعث ابن المعتزّ إلى المقتدر يأمره بالانصراف إلى دار محمد بن طاهر ، لكي ينتقل ابن المعتزّ إلى دار الخلافة ، فأجاب ، ولم يكن بقي معه غير مؤنس الخادم ، وغريب خاله ، وجماعة من الخدم. فباكر الحسين بن حمدان دار الخلافة فقاتلها (٣) ، فاجتمع الخدم ، فدفعوه عنها بعد أن حمل ما قدر عليه من المال ، وسار إلى الموصل ، ثمّ قال الّذين عند المقتدر : يا قوم نسلّم هذا الأمر ولا نجرّب (٤) نفوسنا في دفع ما نزل بنا؟ فنزلوا في الشذاءات (٥) ، وألبسوا جماعة منهم السّلاح ، وقصدوا المخرّم ، وبه ابن المعتزّ ، فلمّا رآهم من حول ابن المعتزّ أوقع الله في قلوبهم الرّعب ، فانصرفوا منهزمين بلا حرب (٦).
وخرج ابن المعتزّ فركب فرسا ، ومعه وزيره ابن داود ، وحاجبه يمن ، وقد شهر سيفه وهو ينادي : معاشر العامّة ، ادعوا لخليفتكم. وأشاروا إلى الجيش أن يتبعوهم إلى سامرّاء ، ليثبّت أمرهم ، فلم يتبعهم أحد من الجيش ، فنزل ابن المعتزّ عن دابّته ودخل دار ابن الجصّاص (٧) ، واختفى الوزير ابن داود ،
__________________
(١) حتى هنا ينقل ابن تغري بردي في : النجوم الزاهرة ٣ / ١٦٥ عن المؤلّف هنا.
(٢) تاريخ الخلفاء ٣٧٩.
(٣) الخبر باختصار في :
تاريخ الطبري ١٠ / ١٤٠ ، وبالتفصيل في : الإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني ١٥٥ ، والمنتظم ٦ / ٨١ ، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري ١٥٥ ، ووفيات الأعيان ٣ / ٤٢٦ ، ودول الإسلام ١ / ١٨٠ ، والبداية والنهاية ١١ / ١٠٧ ، وتاريخ ابن خلدون ٣ / ٣٥٩ ، وتاريخ الخميس ٢ / ٣٨٦.
(٤) في المنتظم ٦ / ٨١ «لو لا نتجرد» ، والمثبت عن : الأصل ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ٣٧٩.
(٥) في الأصل : «الشذا» ، والتحرير من : العيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ٢١١ ، وهي : «الشذوات» أي المراكب. (وفيات الأعيان ٣ / ٤٢٦).
(٦) الخبر في :
تجارب الأمم ١ / ٦ ، والعيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ٢١١ ، والكامل في التاريخ ٨ / ١٥ ، ١٦ ، ونهاية الأرب ٢٣ / ٢٨ ، ووفيات الأعيان ٣ / ٤٢٦.
(٧) المنتظم ٦ / ٨١ ، البداية والنهاية ١١ / ١٠٧ ، تاريخ الخلفاء ٣٧٩.