متعلق بما يتعلق بالرسول عليه الصلاة والسلام من صلاة عليه أو زيارة لقبره أو جواب المؤذن والدعاء له عقيبه وغير ذلك مما يحكم علاقة المودة والمحبة والمناسبة معه.
الركن الرابع في أحوال ما بعد الموت
فصل في عذاب القبر
في عذاب القبر ، النفس إذا فرقت البدن حملت القوة الوهمية معها كما ذكرناها ، وتتجرد عن البدن منزهة ليس يصحبها شيء من الهيئات البدنية ، وهي عند الموت عالمة بمفارقتها عن البدن وعن دار الدنيا متوهمة نفسها الإنسان المقبور الذي مات ، وعلى صورته كما كان في الدنيا يتخيل ويتوهم وتتخيل بدنها مقبورا ويتخيل الآلام الواصلة إليها على سبيل العقوبات الحية على ما وردت به الشرائع الصادقة ، فهذا عذاب القبر ، وإن كانت سعيدة تتخيله على صورة ملائمة على وفق ما كانت تعتقده من الجنات والأنهار والحدائق والغلمان والولدان والحور العين والكأس من المعين ، فهذا ثواب القبر فلذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام : " القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران". فالقبر الحقيقي هذه الهيئات ، وعذاب القبر وثوابه ما ذكرناهما ، والنشأة الأخرى خروج النفس عن غبار هذه الهيئات كما يخرج الجنين من القرار المكين ، كما قال تعالى : (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) [يس : ٧٩]. وقوله تعالى : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) [يس : ٨٠]. دليل ظاهر ومثال بيّن لهذه النشأة.
فصل
قول النبي صلىاللهعليهوسلم : " من مات فقد قامت قيامته" ، الفاء هنا للتعقيب يعني قامت قيامة الميت عند موته. مثال ذلك : من سرق نصابا كاملا من حرز ، فقد استحق قطع يده ، وهذا عقاب لا يتأخر عن هذا الفعل. وقال تعالى أيضا : (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ) [الأنفال : ١٦]. والقيامة الكبرى ميعاد عند الله تعالى لا يجليها لوقتها إلا هو ، وعلمها عند الله ، والأوقات والأزمنة وإن كان فيها تشابه فلكل واحد منها خواص ببعض أنواع الوجود يعتبر ذلك في أوقات الحرث والنسل وغيرهما ، وعند المتكلمين يرجع ذلك إلى مشيئة الله تعالى ، فإنه تعالى يخصص وقتا يوجد فيه موجودا بإرادته ومشيئته مع أن الأوقات متشابهة بالإضافة إلى القدرة وإلى ذات القديم سبحانه وتعالى ، والفلاسفة يقولون : إن مبادئ الحوادث حركات الأفلاك ، وإن أدوارها مختلفة ، وكل شكل من تشكلات مباين غيره من التشكلات مقرر ذلك في براهين أقليدس ، إذ كل تشكل وكل عودة كل من تلك التشكلات لا تعود بعينها ، وبذلك يبطلون دعوى المنجمين في التجربة لكل عودة وتشكل من تشكلات الفلك ، فيجوز أن يتجدد دور مباين لسائر الأدوار تحدث فيه الحيوانات غريبة الشكل لم ير مثلها قبلها قط ، وإذا ألقينا حجرا في الماء يحدث فيه شكل مستدير تكون استدارة هذا الشكل مناسبة لعمقه