العضو الناصر وبين الماء والذهب والفضة ، وليس اللفظ اسم وهو مشترك هذا الاشتراك وكذلك لفظ الجنب والوجه يقرب منه ، فلأجل هذا نرى المنع من التبديل والاقتصار على العربية ، فإن قيل : هذا التفاوت إن ادعيتموه في جميع الألفاظ فهو غير صحيح إذ لا فرق بين قولك خبز ونان وبين قولك لحم وگوشت ، وإن اعترف بأن ذلك في البعض فامنع من التبديل عند التفاوت لا عند التماثل ، فالجواب الحق أن التفاوت في البعض لا في الكل فلعل لفظ اليد ولفظ دست يتساويان في اللغتين وفي الاشتراك والاستعارة وسائر الأمور ولكن إذا انقسم إلى ما يجوز وإلى ما لا يجوز وليس إدراك التمييز بينهما والوقوف على دقائق التفاوت جليا سهلا يسيرا على كافة الخلق بل يكثر فيه الإشكال ولا يتميز محل التفاوت عن محل التعادل ، فنحن بين أن نحسم الباب احتياطا إذ لا حاجة ولا ضرورة إلى التبديل وبين أن نفتح الباب ونقحم عموم الخلق ورطة الخطر ، فليت شعري أي الأمرين أعزم وأحوط ، والمنظور فيه ذات الإله وصفاته وما عندي أن عاقلا متدينا لا يقر بأن هذا الأمر مخطر ، فإن الخطر في الصفات الإلهية يجب اجتنابه. كيف وقد أوجب الشرع على الموطوءة العدة البراءة الرحم وللحذر من خلط الأنساب احتياطا لحكم الولاية والوراثة وما يترتب على النسب ، فقالوا مع ذلك تجب العدة على العقيم والآيسة والصغيرة وعند العزل ، لأن باطن الأرحام إنما يطلع عليه علام الغيوب فإنه يعلم ما في الأرحام ، فلو فتحنا باب النظر إلى التفصيل كنا راكبين متن الخطر فإيجاب العدة حيث لا علوق أهون من ركوب هذا الخطر ، فكما أن إيجاب العدة حكم شرعي فتحريم تبديل العربية حكم شرعي عن ثبت بالاجتهاد وترجيح طريق الأول ، ويعلم أن الاحتياط في الخبر عن الله وعن صفاته وعما أراده بألفاظ القرآن أهم وأولى من الاحتياط في العدة وكل ما احتاط به الفقهاء من هذا القبيل.
أما التصرف الثاني : التأويل ، وهو بيان معناه بعد إزالة ظاهره وهذا إما يقع من العامي نفسه ، أو من العارف مع العامي ، أو من العارف مع نفسه وبينه وبين ربه ، فهذه ثلاثة مواضع.
الأول : تأويل العامي على سبيل الاشتغال بنفسه وهو حرام يشبه خوض البحر المغرق ممن لا يحسن السباحة. ولا شك في تحريم ذلك ، وبحر معرفة الله أبعد غورا وأكثر معاطب ومهالك من بحر الماء ، لأن هلاك هذا البحر لا حياة بعده وهلاك بحر الدنيا لا يزيل إلا الحياة الفانية وذلك يزيل الحياة الأبدية فشتان بين الخطرين.
الموضع الثاني : أن يكون ذلك من العالم مع العامي وهو أيضا ممنوع ، ومثاله : أن يجر السباح الغواص في البحر مع نفسه عاجزا عن السباحة مضطرب القلب والبدن وذلك حرام لأنه عرضة لخطر الهلاك فإنه لا يقوى على حفظه في لجة البحر ، وإن قدر على حفظه في القرب من الساحل ولو أمره بالوقوف بقرب الساحل لا يطيعه ، وإن أمره بالسكون عند التطام الأمواج واقبال التماسيح وقد فغرت فاها للالتقام اضطرب قلبه وبدنه ولم يسكن على حسب مراده لقصور طاقته ، وهذا هو المثال الحق للعالم إذا فتح للعامي باب التأويلات والتصرف في خلاف الظواهر ، وفي معنى العوام الأديب والنحوي والمحدث والمفسر والفقيه والمتكلم بل