واللام فيها لاستغراق جنس المدح والحمد ما علمناه وجهلناه ولا خروج للمدح عن شيء مما ذكرناه. ولا يستحق الإلهية إلا من اتصف بجميع ما ذكرناه ، ولا يخرج عن هذا الاعتقاد ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا أحد من أهل الملك إلا من خذله الله واتبع هواه وكان أمره فرطا وعصى مولاه أولئك قوم قد غمرهم ذل الحجاب وطردوا عن الباب وأبعدوا عن ذلك الجناب ، وحق لمن حجب في الدنيا عن إجلاله ومعرفته أن يحجب في الآخرة عن إكرامه ورؤيته.
الباب الثالث عشر
في الاعتقاد والتمسك بعقيدة صحيحة ومعنى الاعتقاد اتخاذ
عقد صورة علم أو ظن في القلب بوجود المغيبات والعلم
الاعتقاد الجازم الثابت المطابق للواقع
وقال بعض الكبار : العلم نور إذا نزل في القلب ينفذ شعاعه إلى حيث المعلوم ويتعلق به كما يتعلق نور العين بالمرئي الاعتقاد الصحيح هو الخالي عن التعطيل والإلحاد والتشبيه والتجسيم والتكييف والنقض والحلول والاتحاد والإباحة وغير ذلك ، وأن يكون معه التنزيه والعظمة والكبرياء كما كانت الصحابة رضي الله عنهم. ودليله الكتاب والسنة واجتماع الأمة ، ثم قال : على العبد أن يعلم أن الله تعالى واحد أحد فرد صمد في ذاته وصفاته ، لا مثل له في ذاته ولا نظير له في صفاته ، ولا شريك له في ملكه ، ولا حدوث في صفاته ، ولا زوال ولا بداية لقدمه ولا نهاية لبقائه دائم الوجود ولا آخر له قيوم الموجودات لا انقطاع له لم يزل ولا يزال موصوفا بصفات الجلال والجمال لا نهاية لكبريائه ولا غاية لعظمته وجلاله. ليس بجسم ولا جسماني ولا بروح ولا روحاني ولا بجوهر محدود ولا تحله الجواهر ، بل هو خالق الأشياء أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد منزه عن الحركة والانتقال والجهة والمكان وأنه تعالى قريب من كل موجود وهو أقرب إلى العبد من حبل الوريد. قربه من الخلق ليس كقرب الخلق بعضهم من بعض ، بل هو قريب يليق به تعالى.
سئل الجنيد قدس الله تعالى روحه عن القرب فقال : قريب لا بالتزاق وبعيد لا بافتراق ولا كيفية لقربه ومعيته ، كما أنه ليس كمثله شيء كذلك قربه ومعيته ليس كمعية أحد وقربه وأنه تعالى كان ولم يكن معه شيء وهو الآن على ما هو عليه.
فصل
اعلم : أن من أجرى الاستواء على العرش على ما ينبئ عنه ظاهر اللفظ وهو الاستقرار على العرش. فقد التزم التجسيم وإن تشكك في ذلك كان في حكم المصمم على التجسيم أيضا ، وإن قطع باستحالة الاستقرار على العرش فقد تأول الظاهر وهو اعتقاد أهل الحق.