وقال العلّامة في «البحار»
في ما حكاه عن النووي في «شرح صحيح مسلم» : إنّه قال : قال القاضي عياض : مذهب أهل السُّنّة جواز
الشفاعة عقلاً.
ووجوبها سمعاً
بصريح الآيات وبخبر الصادق عليهالسلام ، وجاءت الآثار التي بلغت بمجموعها التواتر بصحّة الشفاعة
لمذنبي المؤمنين ، وأجمع السلف ومن بعدهم من أهل السُّنّة عليها.
ومنعت الخوارج
وبعض المعتزلة منها ، وتعلّقوا بمذاهبهم في تخليد المذنبين في النار ، واحتجّوا
بقوله تعالى : (فَما تَنْفَعُهُمْ
شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) وأمثاله ، وهي في الكفّار.
وأمّا تأويلهم
أحاديث الشفاعة وغيرها فهي صريحة في بطلان مذهبهم وإخراج من استوجب النار. انتهى.
[العقل يدل على
صحّة الشفاعة]
وأمّا العقل فقد
قالت الفلاسفة في هذا المقام : إنّ واجب الوجود عامّ الفيض تامّ الجود ، فحيث لا
تحصل الشفاعة فإنّما هو لعدم كون القابل مستعدّاً ، ومن الجائز أن لا يكون مستعداً
لقبول ذلك الفيض من شيء قبله عن واجب الوجود ، فيكون ذلك الشيء كالمتوسّط بين واجب
الوجود وبين ذلك الشيء الأوّل.
ومثاله في المحسوس
أنّ الشمس لا تضيء إلّا للقابل المقابل ، وسقف البيت لما لم يكن مقابلاً لجِرْم
الشمس ، فلا جَرَمَ لم يكن فيه استعداد لقبول النور عن الشمس ، إلّا أنّه إذا وضع
طشت مملوّ من الماء الصافي ، ووقع عليه ضوء الشمس ، انعكس ذلك الضوء من ذلك الماء
إلى السقف ، فيكون ذلك الماء الصافي متوسّطاً في وصول
__________________