لقد كان الحافظ الكنجي الشافعي من حجج الله البالغة في الحفظ والرواية وصدق الحديث والتثبت والادب ، وقد جمع الى جانب هذه الخصائص الفهم والفقه والحديث شهد له بذلك الائمة المبرزون الجامعون بين الرواية والفقه وبحسبنا دلالة على اختصاصه في الحديث هذه الثروة الطائلة من الاحاديث التي جمعها في كتابيه ، ويعتبران من اوثق المصادر وأصدق المعاجم المؤلفة في المناقب والفضائل.
ويذكر لنا هنا الحافظ شمس الدين الذهبي العوامل والاسباب المؤدية لقتله فيقول : لدبره وفضوله ـ فكأن ذكر مناقب الامام امير المؤمنين ـ ع ـ وجمع فضائله وأحاديثه خطيئة تبرر وتسوغ قتل صاحبها مهما بلغ من السمو والرفعة والمجد والعلم والدين والادب.
وقال ابو شامة المقدسي : وفي ٢٩ من رمضان قتل بالجامع الفخر محمد بن يوسف بن محمد الكنجي ، وكان من اهل العلم بالفقه والحديث لكنه كان فيه كثرة كلام وميل الى مذهب الرافضة ، جمع لهم كتبا توافق اغراضهم وتقرب بها الى الرؤساء منهم في الدولتين الاسلامية والتاتارية ، ثم وافق الشمس القمي فيما فوّض إليه من تخليص اموال الغائبين وغيرهم ، فانتدب له من تأذى منه وألب عليه بعد صلاة الصبح فقتل وبقر بطنه ، كما قتل اشباهه من اعوان الظلمة مثل الشمس بن الماسكيني وابن البغيل الذي كان يسخر الدواب(١٢).
ثم ذكر محنته اليونيني وهو من معاصريه ، فقال : وورد كتاب المظفر الى دمشق في ٢٧ شهر رمضان يخبر بالفتح وكسرة العدو ، ويعدهم بوصوله إليهم ، ونشر المعدلة فيهم ، فثاروا العوام بدمشق وقتلوا الفخر محمد بن يوسف ابن محمد الكنجي في جامع دمشق ، وكان المذكور من اهل العلم لكنه كان فيه
__________________
(١٢) الذيل علي الروضتين : ٢٠٨.