(أي إجماع الشيعة الإمامية). ومن ذهب منهم أو من غيرهم من فرق المسلمين إلى وجود نقص فيه أو تحريف فهو مخطئ نصّ الكتاب العظيم (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (١) والأخبار الواردة من طرقنا أو طرقهم الظاهرة في نقصه أو تحريفه ضعيفة شاذة ، وأخبار آحاد لا تفيد علما ولا عملا ، فإمّا أن تؤوّل بنحو من الاعتبار أو يضرب بها الجدار. (٢)
١٠ ـ وقال شيخ الإسلام بهاء الملّة والدين ، محمد بن الحسين الحارثي العاملي (ت ١٠٣١) : والصحيح أنّ القرآن العظيم محفوظ من التحريف ، زيادة كانت أو النقصان بنصّ آية الحفظ من الذكر الحكيم. وما اشتهر من الإسقاط في مواضع من الكتاب فهو غير معتبر عند العلماء. (٣)
١١ ـ وقال المحدّث العارف المحقّق محمد بن المرتضى المشتهر بالفيض الكاشاني (ت ١٠٩٠) في المقدّمة السادسة التي وضعها قبل التفسير ـ بعد نقل روايات توهّم وقوع التحريف في كتاب الله ـ قال : على هذا لم يبق لنا اعتماد بالنصّ الموجود ، وقد قال تعالى : (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ). (٤) وقال : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ). (٥) وأيضا يتنافى مع روايات العرض على القرآن. فما دلّ على وقوع التحريف مخالف لكتاب الله وتكذيب له. فيجب ردّه والحكم بفساده أو تأويله. (٦)
وقال في كتابه الذي وضعه في بيان اصول الدين ـ عند الكلام عن إعجاز القرآن ، واستعراض جملة من روايات تسند التحريف إلى كتاب الله ـ قال : ويرد على هذا كلّه إشكال ، وهو : أنّه على ذلك التقدير لم يبق لنا اعتماد على شيء من القرآن ، إذ على هذا يحتمل كلّ آية منه أن تكون محرّفة ومغيّرة وتكون على خلاف ما أنزله الله ، فلم يبق في
__________________
(١) ـ الحجر ١٥ : ٩.
(٢) ـ أصل الشيعة واصولها ، ص ١٣٣.
(٣) ـ آلاء الرحمان ، ج ١ ، ص ٢٦.
(٤) ـ فصّلت ٤١ : ٤١ ـ ٤٢.
(٥) ـ الحجر ١٥ : ٩.
(٦) ـ الصافي في تفسير القرآن ، ج ١ ، ص ٣٣ ـ ٣٤ ، المقدمة السادسة ؛ والوافي ، ج ٢ ، ص ٢٧٣ ـ ٢٧٤.