أخرج أبو عبيد عن عبد الله بن عمر ، قال : لا يقولنّ أحدكم : قد أخذت القرآن كلّه ، ما يدريه ما كلّه؟ قد ذهب منه قرآن كثير. ولكن ليقل : قد أخذت منه ما ظهر! (١)
لا ندري كيف ذهب؟! ومتى ذهب؟! ولم ذهب؟!
وقد قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ). (٢)
أو لعلّ ذهنية ابن عمر كانت متأثّرة بما اشتهر من ذهاب القرآن بذهاب أكثرية القرّاء يوم اليمامة ، على ما قيل.
٧ ـ ذهاب القرآن بذهاب حملته يوم اليمامة؟
روى ابن أبي داود عن ابن شهاب ، قال : بلغنا أنّه كان انزل قرآن كثير ، فقتل علماؤه يوم اليمامة ، الذين كانوا قد وعوه ، ولم يعلم بعدهم ولم يكتب ...! (٣)
لكن هل كان القرآن محصورا في صدور اولئك القرّاء دون غيرهم من كبار الأصحاب ولا سيّما القرّاء المعروفون منذ عهد النبوّة ولم يزالوا بعد على قيد الحياة؟!
٨ ـ زيادة كانت في مصحف عائشة وحفصة!
كانت عائشة قد عهدت إلى أبي يونس مولاها أن يكتب لها مصحفا ـ أي يستنسخ على أحد المصاحف المعروفة حينذاك ـ وقالت له : إذا بلغت الآية (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) (٤) فآذنّي. قال أبو يونس : فلمّا بلغتها آذنتها ، فأملت عليّ «حافظوا على الصّلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر». قالت : سمعتها من رسول الله صلىاللهعليهوآله. (٥)
وهكذا أخرج مالك وأبو عبيد وعبد بن حميد وأبو يعلي وابن جرير وابن الأنباري في
__________________
(١) ـ الإتقان ، ج ٣ ، ص ٧٢. عن كتاب فضائل القرآن لأبي عبيد القاسم بن سلام ، ص ١٩٠.
(٢) ـ الحجر ١٥ : ٩.
(٣) ـ منتخب كنز العمال ، ج ٢ ، ص ٥٠.
(٤) ـ البقرة ٢ : ٢٣٨.
(٥) ـ الدرّ المنثور ، ج ١ ، ص ٣٠٢ وفي ط بيروت ، دار الفكر ، ص ٧٢٢. أخرجه مالك وأحمد وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير وابن أبي داود وابن الأنباري في المصاحف والبيهقي في سننه عن أبي يونس.