والغريب أنّهم ذكروا حديث عدم ملاء جوف ابن آدم ، على أشكال وتعابير ونسبوه (تارة) إلى كلام الرسول صلىاللهعليهوآله كما في الرواية عن أنس. (١) وهكذا أخرجه أبو نعيم الإصبهاني من حديث ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس ، أنّه سمع النبي صلىاللهعليهوآله يقول : «لو أنّ لابن آدم واديين من ذهب لابتغى إليهما ثالثا ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التراب ، ويتوب الله على من تاب» ، قال : هذا حديث صحيح متّفق عليه. (٢)
(واخرى) إلى كونه من القرآن كما في الرواية عن أبي موسى وابن كعب. (وثالثة) إلى الحديث القدسي ـ ولعلّه الأصحّ ـ كما في الرواية عن أبي واقد الليثي :
روى أحمد بإسناده إلى عطاء بن يسار عن أبي واقد ، قال : كنّا نأتي النبي صلىاللهعليهوآله إذا انزل عليه ـ يعني الوحي سواء كان قرآنا أم غيره ـ فيحدّثنا. فقال لنا ذات يوم : «إنّ الله عزوجل قال : إنّا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة. ولو كان لابن آدم واد لأحبّ أن يكون إليه ثان ، ولو كان له واديان لأحبّ أن يكون إليهما ثالث. ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التراب. ثمّ يتوب الله على من تاب». (٣)
١٢ ـ آيتان لم تكتبا في المصحف!
أخرج أبو عبيد بإسناده إلى أبي سفيان الكلاعي (مجهول) عن مسلمة بن مخلّد الأنصاري (كان لم يتجاوز العاشرة عند وفاة النبي صلىاللهعليهوآله) أنّه قال يوما : أخبروني بآيتين في القرآن لم يكتبا في المصحف (المصحف اصطلاح حادث أيّام الخلفاء) فلم يخبروه ، وعندهم أبو الكنّود سعد بن مالك! فقال مسلمة : «إنّ الّذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم. ألا أبشروا أنتم المفلحون. والّذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الّذين غضب الله عليهم. اولئك لا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرّة أعين جزاء بما كانوا يعلمون». (٤)
__________________
(١) ـ صحيح مسلم ، ج ٣ ، ص ٩٩ ـ ١٠٠.
(٢) ـ حلية الأولياء ، ج ٣ ، ص ٣١٦ في ترجمة عطاء برقم ٢٤٤.
(٣) ـ مسند الإمام أحمد ، ج ٥ ، ص ٢١٩.
(٤) ـ الإتقان ، ج ٣ ، ص ٧٤.