وتجد دلائله على ذلك ملخّصة في رسالته «منبع الحياة». وقد قام المحدّث الخبير والناقد البصير المرتضى الفيض الكاشاني في وقته بالردّ على دلائله ، في كتابه القيّم «علم اليقين» ، (١) وكذا في سائر كتبه كالصافي والوافي وغيرهما ، وكذا غيره من سائر الأعلام.
ضجّة صاخبة أثارها فصل الخطاب!
قد أسلفنا تواجد الشيخ النوري نفسه في وحشة العزلة منذ أن سلك هذا الطريق الشائك ، إذ وجد من أقطاب الطائفة متّفقة على خلاف رأيه. وكم حاول العثور على رفقة من مشاهير العلماء ولكن من غير جدوى ، وقد أحسّ الرجل من أوّل يومه بشنعات ومسبّات سوف تنهال عليه من كلّ صوب ومكان ، وبالفعل قد حصل ووقع في الورطة التي كان يخافها.
يحدّثنا السيّد هبة الدين الشهرستاني ـ وهو شابّ من طلبة الحوزة العلميّة بسامراء على عهد الإمام الشيرازي الكبير ـ عن ضجّة ونعرات ثارت حول الكتاب ومؤلّفه وناشره يومذاك ، يقول في رسالة بعثها تقريظا على رسالة البرهان التي كتبها الميرزا مهدي البروجردي بقم المقدّسة ١٣٧٣ ه.
يقول فيها : كم أنت شاكر مولاك إذ أولاك بنعمة هذا التأليف المنيف ، لعصمة المصحف الشريف عن وصمة التحريف. تلك العقيدة الصحيحة التي آنست بها منذ الصغر أيّام مكوثي في سامراء ، مسقط رأسي ، حيث تمركز العلم والدين تحت لواء الإمام الشيرازي الكبير ، فكنت أراها تموج ثائرة على نزيلها المحدّث النورى ، بشأن تأليفه كتاب «فصل الخطاب» فلا ندخل مجلسا في الحوزة العلمية إلّا ونسمع الضجّة والعجّة ضدّ الكتاب ومؤلّفه وناشره يسلقونه بألسنة حداد ... (٢)
وهكذا هبّ أرباب القلم يسارعون في الردّ عليه ونقض كتابه بأقسى كلمات وأعنف تعابير لاذعة ، لم يدعوا لبثّ آرائه ونشر عقائده مجالا ولا قيد شعرة.
__________________
(١) ـ راجع : علم اليقين ، ج ١ ، ص ٥٦٥.
(٢) ـ البرهان للبروجردي ، ص ١٤٣ ـ ١٤٤.