الإلحادية التي
كانت تنفثها أحلام جاهلية أولى ، كسرا لشوكة الإسلام ، وحطّا من كرامة القرآن ،
هيهات ، وقد خاب ظنّهم ، (يُرِيدُونَ
لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ
الْكافِرُونَ).
قال الخوارزمي ـ معرّضا بآل اميّة ـ : فما قدروا على دفن حديث من أحاديث
رسول الله صلىاللهعليهوآله ولا على تحريف آية من كتاب الله تعالى جلّ شأنه ...
* * *
هذا ، وقد حاول
جماعة من أهل النظر معالجة تلكم الروايات بأشكال فنّية ، لكن من غير جدوى ، بعد أن
زعموا صحّة أسانيدها وصراحة مداليلها في وقوع التحريف في نصّ الكتاب العزيز.
وانتهوا أخيرا إلى اختلاق مسألة «نسخ التلاوة» المعلوم بطلانها وفق قواعد علم
الأصول. ومن ثمّ إمّا قبولا لها على علّاتها والأخذ بها والإفتاء وفق مضامينها ـ كما
فعله فريق ـ نظرا لصحّة أسانيدها فيما زعموا ، أو رفضا لها رأسا بعد عدم إمكان
التأويل.
هذا ابن حزم
الأندلسي ـ وهو الفقيه الناقد ـ يرى الرجم مستندا إلى كتاب الله ، لما رواه
بإسناده عن ابيّ بن كعب ، قال : كم تعدّون سورة الأحزاب؟ قيل له : ثلاثا أو أربعا
وسبعين آية. قال : إن كانت لتقارن سورة البقرة أو لهي أطول منها. وإن كان فيها
لآية الرجم ، وهي : «إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله والله
عزيز حكيم»!
قال ابن حزم : هذا
إسناد صحيح كالشمس لا مغمز فيه. ثمّ قال : ولكنّها ممّا نسخ لفظها وبقي حكمها. وسنتكلّم عن هذا التعليل العليل.
__________________