وسألته حاجته
فكانت حاجته أن أجعل قلبه يخشاني وأن أجعل قلبه يحبني ، لأهبن له ملكا لا ينبغي
لأحد من بعده.
قال الله جلت
عظمته : (فَسَخَّرْنا لَهُ
الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ) والتي بعدها قال فأعطاه ما أعطاه وفي الآخرة لا حساب عليه
هكذا أورده أبو القاسم ابن عساكر في ترجمة سليمان عليه الصلاة والسلام في تاريخه ،
وروي عن بعض السلف أنه قال بلغني عن داود عليه الصلاة والسلام أنه قال : إلهي كن
لسليمان كما كنت لي ، فأوحى الله عزوجل إليه : أن قل لسليمان أن يكون لي كما كنت لي أكون له كما
كنت لك. وقوله تبارك وتعالى : (فَسَخَّرْنا لَهُ
الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ) قال الحسن البصري رحمهالله لما عقر سليمان عليه الصلاة والسلام الخيل غضبا لله عزوجل عوضه الله تعالى ما هو خير منها وأسرع ، الريح التي غدوها
شهر ورواحها شهر.
وقوله جل وعلا : (حَيْثُ أَصابَ) أي حيث أراد من البلاد. وقوله جل جلاله : (وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ
وَغَوَّاصٍ) أي منهم ما هو مستعمل في الأبنية الهائلة من محاريب
وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات إلى غير ذلك من الأعمال الشاقة التي لا يقدر
عليها البشر ، وطائفة غواصون في البحار يستخرجون مما فيها من اللئالئ والجواهر
والأشياء النفيسة التي لا توجد إلا فيها (وَآخَرِينَ
مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ) أي موثقون في الأغلال والأكبال ممن قد تمرد وعصى وامتنع من
العمل وأبى ، أو قد أساء في صنيعه واعتدى.
وقوله عزوجل : (هذا عَطاؤُنا
فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) أي هذا الذي أعطيناك من الملك التام والسلطان الكامل كما
سألتنا فأعط من شئت واحرم من شئت لا حساب عليك أي مهما فعلت فهو جائز لك احكم بما
شئت فهو صواب.
وقد ثبت في
الصحيحين أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما خير بين أن يكون عبدا رسولا ـ وهو الذي يفعل ما يؤمر
به وإنما هو قاسم يقسم بين الناس كما أمره الله تعالى به ـ وبين أن يكون نبيا ملكا
يعطي من يشاء ويمنع من يشاء بلا حساب ولا جناح ، اختار المنزلة الأولى بعد ما
استشار جبريل عليه الصلاة والسلام فقال له تواضع فاختار المنزلة الأولى لأنها أرفع
قدرا عند الله عزوجل وأعلى منزلة في المعاد وإن كانت المنزلة الثانية وهي
النبوة مع الملك عظيمة أيضا في الدنيا والآخرة ، ولهذا لما ذكر تبارك وتعالى ما
أعطى سليمان عليه الصلاة والسلام في الدنيا نبه تعالى على أنه ذو حظ عند الله يوم
القيامة أيضا فقال تعالى : (وَإِنَّ لَهُ
عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ) أي في الدنيا والآخرة.
(وَاذْكُرْ عَبْدَنا
أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ (٤١) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ
هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ (٤٢) وَوَهَبْنا لَهُ
أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٤٣)
وَخُذْ
بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا