رضي الله عنه قتلها به ، والأحاديث والآثار في هذا كثيرة جدا ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٤٠) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (٤١) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٤٢) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (٤٣)
قوله تبارك وتعالى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) كقوله تعالى : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) [البقرة : ١٩٤] وكقوله : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) [النحل : ١٢٦] الآية ، فشرع العدل وهو القصاص وندب إلى الفضل وهو العفو كقوله جل وعلا : (وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) [المائدة : ٤٥] ولهذا قال هاهنا : (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) أي لا يضيع ذلك عند الله كما صح ذلك في الحديث «وما زاد الله تعالى عبدا بعفو إلا عزا» (١) وقوله تعالى : (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) أي المعتدين وهو المبتدئ بالسيئة.
ثم قال جل وعلا : (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) أي ليس عليهم جناح في الانتصار ممن ظلمهم. قال ابن جرير (٢) : حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع ، حدثنا معاذ بن معاذ ، حدثنا ابن عون قال : كنت أسأل عن الانتصار في قوله تعالى : (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) فحدثني علي بن زيد بن جدعان عن أم محمد امرأة أبيه قال ابن عون : زعموا أنها كانت تدخل على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، قالت : قالت أم المؤمنين رضي الله عنها : دخل علينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعندنا زينب بنت جحش رضي الله عنها ، فجعل النبي صلىاللهعليهوسلم يصنع بيده شيئا فلم يفطن لها ، فقلت بيده حتى فطنته لها فأمسك ، وأقبلت زينب رضي الله عنها تقحم (٣) لعائشة رضي الله عنها فنهاها ، فأبت أن تنتهي ، فقال لعائشة رضي الله عنها «سبيها» فسبتها فغلبتها ، وانطلقت زينب رضي الله عنها فأتت عليا رضي الله عنه فقالت إن عائشة تقع بكم وتفعل بكم فجاءت فاطمة رضي الله عنها فقالصلىاللهعليهوسلم لها «إنها حبة أبيك ورب الكعبة» فانصرفت ، وقالت لعلي رضي الله عنه : إني قلت لهصلىاللهعليهوسلم كذا وكذا ، فقال لي كذاو كذا ، فقال لي كذا وكذا ، قال : وجاء علي إلى النبي صلىاللهعليهوسلم وكلمه في ذلك ، هكذا أورد هذا السياق ، وعلي بن زيد بن جدعان ، يأتي في رواياته بالمنكرات غالبا ، وهذا فيه نكارة.
والصحيح خلاف هذا السياق ، كما رواه النسائي وابن ماجة من حديث خالد بن سلمة
__________________
(١) أخرجه مسلم في البر حديث ٦٩ ، والترمذي في البر باب ٨٢ ، والدارمي في الزكاة باب ٣٥ ، ومالك في الصدقة حديث ١٢ ، وأحمد في المسند ٢ / ٣٨٦.
(٢) تفسير الطبري ١١ / ١٥٦.
(٣) أي تشتمها من غير روية ولا تثبت.