من أن يعود عفوه يوم القيامة. وقال الإمام أحمد (١) : حدثنا يعلى بن عبيد ، حدثنا طلحة يعني ابن يحيى عن أبي بردة عن معاوية هو ابن أبي سفيان رضي الله عنهما قال : سمعت رسول اللهصلىاللهعليهوسلم يقول : «ما من شيء يصيب المؤمن في جسده يؤذيه إلا كفر الله تعالى عنه به من سيئاته» وقال الإمام أحمد (٢) أيضا : حدثنا حسين عن زائدة عن ليث عن مجاهد عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له ما يكفرها ابتلاه الله تعالى بالحزن ليكفرها».
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي ، حدثنا أبو أسامة عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن هو البصري قال في قوله تبارك وتعالى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) قال لما نزلت قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «والذي نفس محمد بيده ما من خدش عود ولا اختلاج (٣) عرق ولا عثرة قدم إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر». وقال أيضا : حدثنا أبي ، حدثنا عمر بن علي ، حدثنا هشيم عن منصور عن الحسن عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : دخل عليه بعض أصحابه وقد كان ابتلي في جسده فقال له بعضهم إنا لنبتئس لك لما نرى فيك ، قال فلا تبتئس بما ترى فإن ما ترى بذنب وما يعفو الله عنه أكثر ثم تلا هذه الآية (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ).
وحدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، حدثنا جرير عن أبي البلاد قال : قلت للعلاء بن بدر (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) وقد ذهب بصري وأنا غلام؟ قال فبذنوب والديك. وحدثنا أبي ، حدثنا علي بن محمد الطنافسي ، حدثنا وكيع عن عبد العزيز بن أبي رواد عن الضحاك قال : ما نعلم أحدا حفظ القرآن ثم نسيه إلا بذنب ثم قرأ الضحاك (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) ثم يقول الضحاك : وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن.
(وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (٣٢) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣٣) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (٣٤) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) (٣٥)
يقول تعالى ومن آياته الدالة على قدرته الباهرة وسلطانه تسخيره البحر لتجري فيه الفلك بأمره وهي الجواري في البحر كالأعلام أي كالجبال ، قاله مجاهد والحسن والسدي والضحاك : أي هذه في البحر كالجبال في البر (إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ) أي التي تسير في البحر
__________________
(١) المسند ٤ / ٩٨.
(٢) المسند ٦ / ١٥٧.
(٣) اختلاج عرق : أي اضطراب عرق.