جابر رضي الله عنه أنهم كانوا خمس عشرة مائة (١).
وروى البخاري من حديث قتادة قلت لسعيد بن المسيب : كم كان الذين شهدوا بيعة الرضوان؟ قال : خمس عشرة مائة ، قلت فإن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كانوا أربع عشرة مائة قال رحمهالله : وهم ، هو حدثني أنهم كانوا خمس عشرة مائة ، قال البيهقي : هذه الرواية تدل على أنه كان في القديم يقول خمس عشرة مائة ثم ذكر الوهم فقال أربع عشرة مائة ، وروى العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنهم كانوا ألفا وخمسمائة وخمسة وعشرين ، والمشهور الذي رواه غير واحد عنه أربع عشرة مائة ، وهذا هو الذي رواه البيهقي عن الحاكم عن الأصم عن العباس الدوري عن يحيى بن معين عن شبابة بن سوار عن شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال : كنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم تحت الشجرة ألفا وأربعمائة ، وكذلك هو الذي في رواية سلمة بن الأكوع ومعقل بن يسار والبراء بن عازب رضي الله عنهم ، وبه يقول غير واحد من أصحاب المغازي والسير ، وقد أخرج صاحبا الصحيح من حديث شعبة عن عمرو بن مرة قال : سمعت عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه يقول : كان أصحاب الشجرة ألفا وأربعمائة وكانت أسلم يومئذ ثمن المهاجرين.
وروى محمد بن إسحاق في السيرة عن الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم أنهما حدثاه قالا : خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم عام الحديبية يريد زيارة البيت لا يريد قتالا ، وساق معه الهدي سبعين بدنة ، وكان الناس سبعمائة رجل كل بدنة عن عشرة نفر ، وكان جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فيما بلغني عنه يقول : كنا أصحاب الحديبية أربع عشرة مائة (٢) ، كذا قال ابن إسحاق وهو معدود من أوهامه فإن المحفوظ في الصحيحين أنهم كانوا بضع عشرة مائة ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
ذكر سبب هذه البيعة العظيمة
قال محمد بن إسحاق بن يسار في السيرة : ثم دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليبعثه إلى مكة ، ليبلغ عنه أشراف قريش ما جاء له فقال : يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي وليس بمكة من بني عدي بن كعب من يمنعني ، وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظي عليها ، ولكني أدلك على رجل أعز بها مني عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب ، وأنه إنما جاء زائرا لهذا البيت ومعظما لحرمته. فخرج عثمان رضي الله عنه إلى مكة ، فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين
__________________
(١) أخرجه البخاري في المغازي باب ٣٥ ، ومسلم في الإمارة حديث ٨٠.
(٢) سيرة ابن هشام ٢ / ٣٠٨ ، ٣٠٩.