عمار ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال في التيمم «ضربة للوجه والكفين» (١).
[طريق أخرى] قال أحمد (٢) : حدثنا عفان ، حدثنا عبد الواحد ، عن سليمان الأعمش ، حدثنا شقيق ، قال : كنت قاعدا مع عبد الله وأبي موسى ، فقال أبو موسى لعبد الله : لو أن رجلا لم يجد الماء لم يصل؟ فقال عبد الله : لا ، فقال أبو موسى : أما تذكر إذا قال عمار لعمر : ألا تذكر إذ بعثني رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإياك في إبل ، فأصابتني جنابة فتمرغت في التراب ، فلما رجعت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أخبرته ، فضحك رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال «إنما كان يكفيك أن تقول هكذا ، وضرب بكفيه إلى الأرض ، ثم مسح كفيه جميعا ، ومسح وجهه مسحة واحدة بضربة واحدة»؟
فقال عبد الله : لا جرم ، ما رأيت عمر قنع بذاك ، قال : فقال له أبو موسى : فكيف بهذه الآية في سورة النساء (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً)؟ قال : فما درى عبد الله ما يقول ، وقال : لو رخصنا لهم في التيمم لأوشك أحدهم إذا برد الماء على جلده أن يتيمم.
وقال تعالى في آية المائدة (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) [النساء : ٤٣] استدل بذلك الشافعي ، على أنه لا بد في التيمم ، أن يكون بتراب طاهر ، له غبار يعلق بالوجه واليدين منه شيء ، كما روى الشافعي بإسناده المتقدم عن ابن الصمة : أنه مر بالنبي صلىاللهعليهوسلم وهو يبول ، فسلم عليه فلم يرد عليه ، حتى قام إلى جدار فحته بعصا كانت معه ، فضرب بيده عليه ، ثم مسح وجهه وذراعيه.
وقوله : (ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) [المائدة : ٦] أي في الدين الذي شرعه لكم (وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) [المائدة : ٦] فلهذا أباح لكم ، إذا لم تجدوا الماء ، أن تعدلوا إلى التيمم بالصعيد ، (وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة : ٦] ولهذا كانت هذه الأمة مخصوصة بمشروعية التيمم ، دون سائر الأمم ، كما ثبت في الصحيحين ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي ، نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل» وفي لفظ «فعنده طهوره ومسجده ، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث إلى قومه وبعثت إلى الناس عامة» (٣) وتقدم في حديث حذيفة عند مسلم «فضلنا على الناس بثلاث ، جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة ، وجعلت لنا الأرض مسجدا وتربتها طهورا إذا لم نجد الماء».
وقال تعالى في هذه الآية الكريمة : (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً) أي ومن عفوه عنكم وغفرانه لكم أن شرع التيمم ، وأباح لكم فعل الصلاة به إذا فقدتم
__________________
(١) مسند أحمد ٤ / ٢٦٣.
(٢) مسند أحمد ٤ / ٢٦٥.
(٣) صحيح البخاري (تيمم باب ١ وصلاة باب ٥٦) وصحيح مسلم (مساجد حديث ٤ و ٥)