واليدين إلى المرفقين بضربتين ، لأن لفظ اليدين يصدق إطلاقهما على ما يبلغ المنكبين ، وعلى ما يبلغ المرفقين ، كما في آية الوضوء ، ويطلق ويراد بهما ما يبلغ الكفين ، كما في آية السرقة (فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) [المائدة : ٣٨] قالوا : وحمل ما أطلق هاهنا على ما قيد في آية الوضوء أولى لجامع الطهورية ، وذكر بعضهم : ما رواه الدار قطني عن ابن عمر ، قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم «التيمم ضربتان : ضربة للوجه ، وضربة لليدين إلى المرفقين» ولكن لا يصح ، لأن في أسانيده ضعفاء ، لا يثبت الحديث بهم ، وروى أبو داود (١) عن ابن عمر ، في حديث ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ضرب بيديه على الحائط ومسح بهما وجهه ، ثم ضرب ضربة أخرى فمسح ذراعيه ، ولكن في إسناده محمد بن ثابت العبدي ، وقد ضعفه بعض الحافظ ، ورواه غيره من الثقات ، فوقفوه على فعل ابن عمر ، قال البخاري وأبو زرعة وابن عدي : وهو الصواب ، وقال البيهقي : رفع هذا الحديث منكر ، واحتج الشافعي بما رواه عن إبراهيم بن محمد ، عن أبي الحويرث عبد الرحمن بن معاوية ، عن الأعرج ، عن ابن الصمة : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم تيمم فمسح وجهه وذراعيه.
وقال ابن جرير (٢) : حدثني موسى بن سهل الرملي ، حدثنا نعيم بن حماد ، حدثنا خارجة بن مصعب ، عن عبد الله بن عطاء ، عن موسى بن عقبة ، عن الأعرج ، عن أبي جهيم ، قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يبول ، فسلمت عليه ، فلم يرد عليّ حتى فرغ ، ثم قام إلى الحائط فضرب بيديه عليه ، فمسح بهما وجهه ، ثم ضرب بيديه على الحائط فمسح بهما يديه إلى المرفقين ، ثم رد علي السلام.
والقول الثاني : أنه يجب مسح الوجه واليدين إلى الكفين بضربتين ، وهو قول الشافعي في القديم.
والثالث : أنه يكفي مسح الوجه والكفين بضربة واحدة. قال الإمام أحمد (٣) : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة عن الحكم ، عن ذر ، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه ، أن رجلا أتى عمر ، فقال : إني أجنبت فلم أجد ماء ، فقال عمر لا تصل ، فقال عمار : أما تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء ، فأما أنت فلم تصل ، وأما أنا فتمعكت في التراب فصليت ، فلما أتينا النبي صلىاللهعليهوسلم ذكرت ذلك له ، فقال «إنما كان يكفيك ، وضرب النبيصلىاللهعليهوسلم بيده الأرض ، ثم نفخ فيها ومسح بها وجهه وكفيه» وقال أحمد أيضا : حدثنا عفان ، حدثنا أبان ، حدثنا قتادة ، عن عزرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه ، عن
__________________
(١) سنن أبي داود (طهارة باب ١٢٢)
(٢) تفسير الطبري ٤ / ١١٥)
(٣) مسند أحمد ٤ / ٢٦٥.